للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يبنى على أصل، وهو أن ترتيب القضاء هل هو واجب أم لا، وفيه اختلاف، سيذكر في الباب الآتي - إن شاء الله - ومذهب الشافعي أنه مستحب غير واجب، وحكى رواية عن أحمد، وجزم بها بعض الأصحاب. ومذهب أبي حنيفة ومالك، وأحمد - في المشهور عنه - أنه واجب، ثم اختلفوا: فقال أبو حنيفة ومالك يجب الترتيب فيما دون ست صلوات، ولا يجب في ست صلوات فصاعدا، قال أحمد: يجب بكل حال. وحكى ابن عبد البر الإجماع على خلافه، فمن قال إنه غير واجب قال: يجب الترتيب بين الصلوات الفوائت في القضاء، ولا بين الفائت والحاضر، ومن قال إنه واجب فهل يسقط الترتيب عندهم بنسيان الثانية حتى يصلي صلوات حاضرة، أم لا يسقط بالنسيان؟ فيه قولان: أن يسقط بالنسيان فهو قول النخعي كما ذكره البخاري عنه، وقول الحسن وحماد والحكم وأبي حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه وإسحاق. والثاني: لا يسقط بالنسيان فيعيد الفائت وما صلى بعدها وحكى رواية عن أحمد حكاها بعض المتأخرين عنه والله أعلم بصحتها عنه. وأما مالك فعنده إن ذكر قبل أن يذهب وقت الحاضرة، وقد بقي منه قدر ركعة فصاعدا أعادهما، وإن بقي دون ذلك وكان الوقت قد ذهب بالكلية أجزأه، وأما إن صلى الحاضرة وعليه فائتة وهو ذاكر لها: فمن اشترط الترتيب أوجب قضاء ما صلاه وهو ذاكر للفائتة، ومن لم يوجب الترتيب لم يوجب سوى قضاء الفائتة، ويحتمله كلام النخعي الذي حكاه عنه البخاري، ولكن روي عنه صريحا خلافه: فروى مغيرة عن إبراهيم، قال: إذا ترك صلاة متعمدا أعادها وعاد كل صلاة صلاها بعدها.

فيكون الذي حكاه البخاري عنه محمولا على حال النسيان، أو يكون عن النخعي روايتان، وكان الإمام أحمد ورعه واحتياطه في الدين يأخذ في مثل هذه المسائل المختلف فيها بالاحتياط وإلا فإيجاب سنين عديدة ببقاء صلاة واحدة

<<  <  ج: ص:  >  >>