فائية في الذمة لا يكاد يقوم عليه دليل قوي والذي صح عن ابن عمر في ذلك إنما هو في صلاة واحدة فائتة ذكرت مع اتساع وقت الحاضرة لها فلا يلزم ذلك أن يكون حكم الصلوات إذا كثرت أو تأخر قضاؤها حتى صلى صلوات كثيرة في أوقاتها كذلك. ولهذا فرق أكثر العلماء بين أن تكثر الفوائت أو تقل، ولم ير مالك إلا إعادة الصلاة التي وقتها ولى خاصة فإن إيجاب إعادة صلوات سنين عديدة لأجل صلاة واحدة فيه عسر عظيم تأباه قواعد الحنيفية السمحة، وقد أخبرني بعض أعيان العلماء أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عما يقوله الشافعي وأحمد فيه هذه المسائل أيهما أرجح، قال: ففهمت منه صلى الله عليه وسلم أنه أشار إلى رجحان ما يقوله الشافعي - رحمه الله - ومما يدل على صحة ذلك حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم، فهذا يدل على أن من عليه صلاة واحدة لم يأمره الله بأن يصلي زيادة عليها.
قال البخاري - رحمه الله - ثنا أبو نعيم وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا همام، عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من نسي صلاة فليصل إذا ذكر لا كفارة لها إلا ذلك "وأقم الصلاة لذكري"، قال موسى: قال همام: سمعته يقول بعد (وأقم الصلاة لذكري) ، وقال حبان: ثنا همام، ثنا قتادة، ثنا أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
هذا الحديث قد رواه جماعة عن همام، وجماعة عن قتادة، وقد خرجه مسلم من طريق همام وأبي عوانة وسعيد والمثنى كلهم عن قتادة، عن أنس، وليس في رواية أحد منهم التصريح بقول قتادة:(ثنا) أنس كما ذكر البخاري أن حبانا رواه عن همام وإنما احتاج إلى ذلك لما عرف من تدليس قتادة.
ولفظ رواية سعيد عن قتادة التي خرجها مسلم: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، ولفظ حديث المثنى عن قتادة عنده إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، وقد دل الحديث