الصلاة والصيام، ومن دخل فيهما ثم أفسدهما فالثاني عليه القضاء كمن أفسد حجه، والأول كمن وجب عليه الحج ولم يحج، وإنما أمره أن يحج بعد ذلك لأن الحج فريضة العمر، فمذهب الظاهرية أو أكثرهم أنه لا قضاء على المتعمد.
وحكي عن عبد الرحمن صاحب الشافعي بالعراق، وعن ابن بنت الشافعي، وهو قول أبي بكر الحميدي في الصوم والصلاة إذا تركهما عمدا، أنه لا يجزئه قضاؤهما، ذكره في عقيدته في آخر مسنده، ووقع مثله في كلام طائفة من أصحابنا المتقدمين منهم الجوزجاني، وأبو محمد البربهاري وابن بطة. قال ابن بطة: اعلم أن للصلاة أوقاتا فمن قدمها على أختها فلا فرض له من عذر وغيره ومن أخرها عن وقتها مختارا من غير عذر فلا فرض له فجعل الصلاة بعد الوقت لغير عذر كالصلاة قبل الوقت، وقال في كل منها أنه ليس بفرض، يريد أنها تقع نفلا في الحالين، وقال البربهاري: الصلوات لا يقبل الله منها شيئا إلا أن تكون لوقتها إلا أن تكون نسيانا، فإنه معذور يأتي بها إذا ذكرها فيجمع بين الصلاتين إن شاء. وقد نص الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله على أن المصلي لغير الوقت كالتارك للصلاة في استتابته وقتله فكيف يؤمر بفعل صلاة.
وروي عن طائفة من السلف منهم الحسن. وحكى الخلاف في ذلك إسحاق بن راهويه ومحمد بن نصر المروزي، فقال محمد بن نصر في كتاب الصلاة: إذا ترك الرجل صلاة مكتوبة متعمدا حتى ذهب وقتها فعليه قضاؤها، لا نعلم في ذلك خلافا إلا ما روي عن الحسن، فمن أكفره بتركها استتابه وجعل توبته وقضاءها رجوعا منه إلى الإسلام، ومن لم يكفر تاركها ألزمه المعصية وأوجب عليه قضاءها، وكان إسحاق يكفر بترك الصلاة ويرى عليه القضاء إذا تاب. وقال: أخبرني ابن أبي رزمة عن ابن المبارك أنه سأله رجل عن رجل ترك صلاة أياما ثم ندم، قال: يقضي ما ترك من الصلاة، قال: ثم أقبل ابن المبارك علي، فقال: هذا يستقيم على الحديث. قال إسحاق: يقول القياس على الأصل أن لا يقضي، وربما بني على الأصل ثم يوجد في ذلك الشيء بعينه خلاف البناء، فمن ههنا خاف ابن المبارك أن يقيس تارك الصلاة في الإعادة على ما جاء أنه قد كفر فيجعله كالمشرك، ورأى أحكام المرتدين على