للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمش يرسل، فقيل له: إن بعض الناس قال: من أرسل لا يحتج بحديثه. فقال: الثوري إذا لا يحتج بحديثه. وقد كان يدلس: إنما سفيان أمير المؤمنين في الحديث، انتهى.

والتدليس مكروه عند الأكثرين لما فيه من الإيهام، وهو عن الكذابين أشد.

وقد صرح طائفة من العلماء، منهم مسلم في مقدمة كتابه بأن من روى عن غير ثقة، وهو يعرف حاله، ولم يبين ذلك لمن لا يعرفه أنه يكون آثماً بذلك، يريدون أنه فعل محرم، فإسقاط من ليس بثقة من الحديث أقبح من الرواية عنه من غير تبيين حاله.

ورخص في التدليس طائفة، قال يعقوب بن شيبة، من رخص فيه فإنما رخص فيه عن ثقة سمع (منه) ، وأما من دلس عمن لم يسمع منه، فلم يرخص فيه، وكذا إذا دلس عن غير ثقة، كذا قال يعقوب.

وقد كان الثوري وغيره يدلسون عمن لم يسمعوا منه أيضاً، فلا يصح ما قال يعقوب.

وقول الشافعي ـ رحمه الله ـ: وأقبل الحديث حدثني فلان عن فلان، إذا لم يكن مدلساً مراده أن تقبل العنعنة عمن عرف منه أنه ليس بمدلس، فإن الربيع نقل عنه أيضاً، قال في كلام له:

لم يعرف التدليس ببلدنا، فيمن مضى، ولا ممن أدركنا من أصحابنا، إلا حديثاً، فإن منهم من قبله عمن لو تركه عليه كان خيراً له. وكان قول الرجل: سمعت فلاناً (يقول: سمعت فلاناً) وقوله: "حدثني فلان عن

<<  <  ج: ص:  >  >>