وَقَالَ: إنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (١) فمدار تفضيل الله للداعى هو العمل الصالح والإخلاص فيه والاستسلام له سبحانه.
وكانت أخلاق الدعاة إلى الله فى الزمن الأول من الأسباب القوية فى سرعة انتشار الإسلام، وتقبل الناس له كما شهد بذلك المؤرخون المنصفون وكل ذلك من هدى النبي -صلى الله عليه وسلم- فى قوله وفعله الذى فسر معنى الحكمة فى الدعوة، ويحضرنى الآن من ذلك موقفه من اليهودى الذى أراد امتحانه فى أخلاقه فنجح النبي وأسلم الرجل، ذلك أن زيد بن سعنة قال: لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته فى وجه محمد حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما: فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله، فابتعت منه تمرا إلى أجل، فأعطيته الثمن، فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة أتيت فأخذت بمجامع قميصه وردائه، ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت: ألا تقضينى يا محمد حقى، فو الله إنكم يا بنى عبد المطلب مطل. فقال عمر: أى عدو الله أتقول لرسول الله ما أسمع؟ فو الله لولا ما أحاذر فوته لضربت