للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثله ما سلكه الإسلام فى تحريم الخمر، وكان شربها متأصلا فى العرب، لم يشأ أن يوجه إليهم النقد المباشر، ولكن بين لهم أنها من نعم الله عليهم فقال تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (١)، ولما سألوا: هل هى حرام، اكتفى ببيان ما فيها من نفع وضر وأن الضر فيها أكبر، وترك للعقل يفكر ويوازن ليدرك بنفسه أن ما كثر ضرره على نفعه جدير بتركه، فالعمل الذى تفوق خسارته ربحه لا ينبغى أن يحرص العاقل عليه، ولم يقطع الإسلام فيها برأى.

قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (٢). حتى إذا أدركوا خطرها أخيرا بما وقع من خطأ فى الصلاة نتيجة السكر، وبما حدث من شجار وسباب وتعد على الأموال وغيرها طلبوا بأنفسهم بيانا شافيا فيها، فحرمت أولا قبل الصلاة {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (٣).


(١) سورة النحل: ٦٧
(٢) سورة البقرة: ٢١٩
(٣) سورة النساء: ٤٣.

<<  <   >  >>