للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)} (١).

لقد كان كليم الله موسى عليه السلام، رجلاً شجاعاً قوياً، صاحب نجدة، لا يتأخر عن مساعدة الآخرين، وها هو يُعين المرأتين ويسقي لهما، بدون مقابل مع حاجته، وقد رأت المرأتان ذلك فحكيا لأبيهما، الذي أرسل ابنته تدعوه للقائه، فرأت من عفته وأمانته ما جعلها تطلب من والدها استئجار الرجل القوي الأمين، وكان الأب حاذقاً فعلم إعجاب بنته بموسى عليه السلام، وعلم صدق موسى فيما قص عليه، فبادر - وهو الأب الناصح - بطلب تزويجه بابنته، كسباً للرجل الأمين، في مثل أخلاق موسى عليه السلام، الذي يثق في رعايته وحفاظه على ابنته.

وغالب الزيجات الفاشلة في مجتمعات المسلمين، ترجع إلى سوء اختيار الزوج أو الزوجة، مما يترتب عليه مشاكل بين الزوجين، بل بين العائلتين، وما يصحبه من خلافات، وعداوات، وانفصال، وطلاق، وتفكك أسري، وضياع للأولاد .... إلخ.

ومن المعاني الاجتماعية الواردة في قصص القرآن الكريم:

تطهير المجتمع من الأمراض السلوكية والمنكرات الظاهرة.

لا نغالي إذا قلنا: إن قصص القرآن الكريم كله يهدف إلى تأصيل هذا المعنى، والقيام بهذا الواجب، فلو ذهبنا نستعرض قصص القرآن العظيم لهذا الغرض لطال البحث ولم ننته بعد، ولكن نكتفي هنا بذكر مثالين أو ثلاثة للدلالة على العنوان.


(١) - سورة القصص. آية: ٢٣ - ٢٧

<<  <   >  >>