للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما سألوا عن النفقة، أجابهم سبحانه فقال: " (قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) أي: مال قليل أو كثير, فأولى الناس به وأحقهم بالتقديم, أعظمهم حقا عليك, وهم الوالدان الواجب برهما, والمحرم عقوقهما، ومن أعظم برهما, النفقة عليهما, ومن أعظم العقوق, ترك الإنفاق عليهما، ولهذا كانت النفقة عليهما واجبة, على الولد الموسر، ومن بعد الوالدين الأقربون, على اختلاف طبقاتهم, الأقرب فالأقرب, على حسب القرب والحاجة, فالإنفاق عليهم صدقة وصلة، (وَالْيَتَامَى) وهم الصغار الذين لا كاسب لهم, فهم في مظنة الحاجة لعدم قيامهم بمصالح أنفسهم, وفقد الكاسب, فوصى الله بهم العباد, رحمة منه بهم ولطفا، (وَالْمَسَاكِينِ) وهم أهل الحاجات, وأرباب الضرورات الذين أسكنتهم الحاجة, فينفق عليهم, لدفع حاجاتهم وإغنائهم. (وَابْنَ السَّبِيلِ) أي: الغريب المنقطع به في غير بلده, فيعان على سفره بالنفقة, التي توصله إلى مقصده.

ولما خصص الله تعالى هؤلاء الأصناف, لشدة الحاجة, عمم تعالى فقال: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) من صدقة على هؤلاء وغيرهم, بل ومن جميع أنواع الطاعات والقربات, لأنها تدخل في اسم الخير، (فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيجازيكم عليه, ويحفظه لكم, كل على حسب نيته وإخلاصه, وكثرة نفقته وقلتها, وشدة الحاجة إليها, وعظم وقعها ونفعها " (١).

ومن هذه المواضع في القرآن:

العلاقة بين الزوجين (بيان حرمة إتيان الحائض أثاء حيضتها)

يقول جلَّ وعلا {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (٢). لما سألوا عن المحيض، أخبرهم تعالى أن الحيض أذى, فالواجب الامتناع عن الجماع، حَتَّى ينقطع الدم, فإذا انقطع الدم, وجب الاغتسال قبل أن يغشاها زوجها. " ولما كان هذا المنع لطفا منه تعالى بعباده, وصيانة عن الأذى قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) أي: من ذنوبهم على الدوام (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) أي: المتنزهين عن الآثام


(١) - تفسير السعدي. ص / ١٠٩ - ١١٠
(٢) - سورة البقرة. آية: ٢٢٢

<<  <   >  >>