للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرجعة -أخي الحبيب- لن تُعطي إياها، فلكل أجل كتاب .. ولكن استعد للموت من الآن بالعمل الصالح وبالتوبة النصوح قبل أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله .. إنه ذهاب لا رجوع بعده وندم لا تجدي معه دموع .. ورحيل من الدنيا بلا عودة .. إنه نهاية الدنيا .. والرحيل من فوق أرضها إلى داخلها .. من سعة القصور ورحابة الدور إلى ضيق القبور .. سؤال وجواب .. وحساب ونقاش ..

لما كان عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه قال: أجلسوني، فأجلسوه ثم قال: أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله. ثم رفع رأسه وأحدَّ النظر، فقالوا له: إنك لتنظر نظرًا شديدًا، قال: إني لأرى حضرة ما هم بأنس ولا جن، ثم قُبض (١).

وها هو أمير المؤمنين المأمون لما حضرته الوفاة أمر بجل دابته ففرش له، فاضطجع عليه، ووضع الرماد على رأسه وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه ارحم اليوم من قد زال ملكه (٢).

ولما حضرت الوفاة أبا جعفر المنصور أمير المؤمنين، قال للربيع: يا ربيع هذا السلطان .. لا سلطان من يموت (٣).


(١) حلية الأولياء: (٥/ ٣٢٥).
(٢) العاقبة: (١٣٠).
(٣) العاقبة: (١٢٨).

<<  <   >  >>