ابن آدم، فليس منه عرق ولا مفصل، وهو كرجل شديد الذراعين فهو يعالجها وينتزعها، فبكى عمر.
هذا هو الموت وهذه شدته .. سيكون تفكيرك في تلك اللحظات منحصرًا في أي الأبواب ستدخل، وفي أي الدارين تسكن؟
أخي الحبيب:
إن الموت هو الخطبُ الأفظع، والأمر الأشنع، والكأس التي طعمها أكره وأبشع، وإنه الحادث الأهدم للذَّات، والأقطع للراحات، والأجلب للكريهات، فإن أمرًا يُقَطِّعُ أوصالك، ويُفِّرقُ أعضاءك، ويَهدم أركانك، لهو الأمر العظيم والخطب الجسيم، وإن يومه لهو اليوم العظيم ..
أيها الحبيب ..
اعلم أنه لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كربٌ ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها، لكان جديرًا بأن ينتغص عليه عيشه ويتكدر عليه سروره ويفارقه سهوه وغفلته وحقيقًا بأن يطول فيه فكره ويعظم له استعداده (١).
كيف ونحن نعلم أن وراء الموت القبر وظلمته والصراط ودقته والحساب وشدته أهوالٌ وأهوال .. إنها رحلة ستنتهي بالجميع إلى محط الرحال هناك حيث النهاية جنةٌ أو نار ...