حولها، وأن يأكلوا سمنهم، ولم يستفصلهم: هل كان جامدًا أو مائعًا؟ وترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال، يتنزل منزلة عموم في المقال، مع أن الغالب على سمن الحجاز أن يكون ذائبًا، وقد قيل: إنه لا يكون إلا ذائبًا، والغالب على السمن أنه لا يبلغ القلتين، مع أنه لم يستفصل: هل كان قليلًا أو كثيرًا؟
فإن قيل: فقد روي في الحديث: "إن كان جامدًا فألقوها وما حولها وكُلوا سمنكم، وإن كان مائعًا فلا تقربوه"(١)، رواه أبو داود وغيره.
قيل: هذه الزيادة؛ التي أعتمد عليها من فرَّق بين الجامد والمائع، واعتقدوا أنها ثابتة من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا في ذلك مجتهدين قائلين بمبلغ علمهم واجتهادهم.
(١) منكر: أخرجه أبو داود (٣٨٤٢)، والنسائي (٤٢٦٠)، وعبد الرزاق (١/ ٨٤)، وأحمد (٢/ ٢٣٢، ٢٦٥، ٤٩٠)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٥/ ٤٣٤)، والطبراني في "الكبير" (٢٣/ ٤٣٠) (١٠٤٥)، (٢٤/ ١٥) (٢٦)، وابن المنذر في "الأوسط" ٢/ ٢٨٤، وابن الجارود في "المنتقى" (٨٧١) من طريق معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا. وهذه الزيادة من معمر زادها على مالك الذي روى الحديث بدونها كما في صحيح البخاري -الحديث السابق-، وهي خطأ من معمر في المتن، وكذا أخطأ في الإسناد، قال البخاري -كما في الجامع للترمذي (٤١/ ٢٥٦) -: "هذا خطأ أخطأ فيه معمر .. والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة". وقال الترمذي: "وهو حديث غير محفوظ"، وحكم على معمر أيضًا بالوهم أبو حاتم كما في "العلل" لابنه ٢/ ١٢، وانظر "علل الدارقطني" ٧/ ٢٨٥.