وأما إسقاط الدَيْن عن المعسر، فلا يجزئ عن زكاة العين بلا نزاع، لكن إذا كان له دين على من استحق الزكاة، فهل يجوز أن يسقط عنه قدر زكاة ذلك الدَيْن، ويكلون ذلك زكاة ذلك الدَيْن؟
فهذا فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد وغيره، أظهرهما:
الجواز؛ لأن الزكاة مبناها على المواساة، وهذا قد أخرج من جنس ما يملكه، بخلاف ما إذا كان ما له عينًا وأخرج دينًا، فإن الذي أخرجه دون الذي يملكه، فكان بمنزلة إخراج الخبيث عن الطيب، وهذا لا يجوز، كما قال الله -عز وجل-: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}[البقرة: ٢٦٧].
ولهذا كان على المزكي أن يخرج من جنس ماله، لا يخرج أدنى منه. فإذا كان له ثمرة أو حنطة جيدة لم يخرج عنها، ما هو دونها (١).