وأما إذا استأجر أرضًا للازدراع فأصابتها آفة، فإذا تلف الزرع بعد تمكن المستأجر من أخذه، مثل أن يكون في البيدر، فيسرقه اللص أو يؤخر حصاده عن وقته حتى يتلف، فهنا يجب على المستأجر الأجرة.
وأما إذا كانت الآفة مانعة من الزرع، فهنا لا أجرة عليه بلا نزاع.
وأما إذا نبت الزرع، ولكن الآفة منعته من تمام صلاحه، مثل نار أو ريح أو برد، أو غير ذلك مما يفسده، بحيث لو كان هناك زرع غيره لأتلفته، فهنا فيه قولان:
أظهرهما: أن يكون من ضمان المؤجر؛ لأن هذه الآفة أتلفت المنفعة المقصودة بالعقد؛ لأن المقصود بالعقد هو المنفعة التي يثبت بها الزرع حتى يتمكن من حصاده، فإذا حصل للأرض ما يمنع هذه المنفعة مطلقًا، بطل المقصود قبل التمكن من استيفائه، ومثل هذا ما لو صارت الأرض سبخة فتلف الزرع أو كانت إلى جانب بحر أو نهر فأتلف الماء تلك الأرض قبل كمال الزرع ونحو ذلك، ففي هذه الصور كلها تتلف من ضمان المؤجر، وليس على المستأجر أجرة ما تعطل الانتفاع به، كما لو ماتت الدابة المستأجرة، أو انقطع الماء، ولم يمكن الانتفاع بها في شيء من المنفعة المقصودة بالعقد، وأمثال هذه الصور.