للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فصل)

وأما المني: فالصحيح: أنه طاهر، كما هو مذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه.

وقد قيل: إنه نجس يجزئ فركه، كقول أبي حنيفة وأحمد في رواية أخرى، وهل يعفى عن يسيره كالدم، أو لا يعفى عنه كالبول؟ على قولين: هما روايتان عن أحمد.

وقد قيل: إنه يجب غسله، كقول مالك: والأول هو الصواب.

فإنه من المعلوم أن الصحابة كانوا يحتلمون على عهد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وأن المني يصيب بدن أحدهم وثيابه، وهذا مما تعم به البلوى، فلو كان ذلك نجسًا لكان يجب على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أمرهم بإزالة ذلك من أبدانهم وثيابهم، كما أمرهم بالاستنجاء وكما أمر الحائض بأن تغسل دم الحيض من ثوبها، بل إصابة المني [للثياب والبدن] (١) أعظم بكثير من إصابة دم الحيض لثوب الحائض.

ومن المعلوم: أنه لم ينقل أحد أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أمر أحدًا من الصحابة أن يغسل المني من بدنه ولا ثيابه، فعلم يقينًا أن هذا لم يكن واجبًا، وهذا قاطع لمن تدبره.

وأما كون عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تغسله، تارة من ثوب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (٢)، وتفركه تارة (٣)، فهذا لا


(١) في (خ): [للناس]؛ وفي (ف): [إصابة المني الناس].
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٩، ٢٣٠، ٢٣١).
(٣) أخرجه مسلم (٢٨٨).

<<  <   >  >>