وأما عظم الميتة وقرنها وظفرها وما هو من جنس ذلك، كالحافر ونحوه، وشعرها وريشها ووبرها.
ففي هذين النوعين للعلماء ثلاثة أقوال:
أحدها: نجاسة الجميع، كقول الشافعي المشهور عنه، وذلك روايةٌ عن أحمد.
والثاني: أن العظام ونحوها نجسة، والشعور ونحوها طاهرة، وهذا هو المشهور من مذهب مالك وأحمد.
والثالث: أن جميع طاهر، كقول أبي حنيفة، وهو قول في مذهب مالك وأحمد، وهذا القول هو الصواب؛ وذلك لأن الأصل فيها الطهارة، ولا دليل على النجاسة.
وأيضًا: فإن هذه الأعيان هي من الطيبات ليست من الخبائث، فتدخل في آية التحليل، وذلك لأنها لم تدخل فيما حرمه الله من الخبائث، لا لفظًا ولا معنى، فإن الله تعالى حرم الميتة.
وهذه الأعيان لا تدخل فيما حرمه الله لا لفظًا ولا معنى:
أما اللفظ فلأن قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣]، لا يدخل فيها الشعور وما أشبها؛ وذلك لأن الميت ضد الحي، والحياة نوعان: حياة الحيوان وحياة النبات؛ فحياة الحيوان: خاصتها الحس والحركة الإرادية؛ وحياة النبات: خاصتها النمو والاغتذاء.