للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فصل) (١)

وأما عادم الماء إذا لم يجد ترابًا وعنده رمل: فإنه يتيمم به ويصلي ولا إعادة عليه، عند جمهور العلماء، كمالك وأبي حنيفة وأحمد، في أظهر الروايتين عنه (٢)؛ لأن النبي صلى الله عليه تعالى


(١) لم أجد هذا الفصل في "الفتاوى".
(٢) قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (١/ ٥٣): "وأما بيان ما يتيمم به، فقد اختُلِف فيه، قال أبو حنيفة ومحمد: يجوز التيمم بكل ما هو من جنس الأرض، وعن أبي يوسف روايتان".
وقال العراقي في "طرح التثريب" (١/ ١٠٦، ١٠٧) في الفائدة السادسة من الفوائد التي استخرجها من حديث أبي هريرة: "جُعلِت لي الأرض مسجدًا وطهورًا": "استُدلِ به لأبي حنيفة ومالك على أنه يجوز التيمم بجميع أجزاء الأرض من التراب، والرمل، والحجارة، والحصباء، قالوا: وكما تجوز الصلاة عليها يجوز التيمم بها؛ لأنه لم يُفرق في الصلاة عليها بين التراب وغيره، فكذلك حكم التيمم.
وذهب الشافعي وأحمد إلى تخصيص ذلك بالتراب، واستدلوا بما رواه مسلم من حديث حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فُضلنا على الناس بثلاث: صفوفنا كصفوف الملائكة، وجُعلت لنا الأرض كلها مسجدًا وجُعلِت لنا تربتها طهورًا إذا لم نجد الماء" وذكر خصلةً أخرى - فحمل الشافعي وأحمد رواية الإطلاق على رواية التقييد، واعترض القرطبي في المفهم بأن ذلك ذهول من قائله، فإن التخصيص إخراج ما تناوله العموم عن الحكم، ولم يخرج هذا الخبر شيئًا، وإنما عيَّن هذا الحديث واحدًا مما تناوله الاسم الأول مع موافقته في الحكم، وصار بمثابة قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)}، وقوله: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}، فعين بعض ما تناوله اللفظ الأول مع الموافقة في المعنى، وكذلك ذكر التراب، وإنما عينه لكونه أمكن وأغلب، وأيضًا فإنا

<<  <   >  >>