للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيح: يبين أنه كان قد رخص في جلود الميتة قبل الدباغ، فيكون قد رخص لهم في ذلك، ثم لما نهي عن الانتفاع بها قبل الدباغ نهاهم عن ذلك؛ ولهذا قالت طائفه من أهل اللغه: إِن الإهاب اسم لما لم يدبغ (١)، ولهذا قرن معه العصب، والعصب لا يدبغ (٢).


(١) قال عبد الرحمن بن محمد شيخي زاده في "مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر" (١/ ٣٢): وكلُّ إهاب: وهو الجلد الذي لم يُدبغ، ويتناول ذلك بعمومه ما يُؤكل وما لا يُؤكل". اهـ.
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" (١/ ١٦٥): "وأما جلد الكلب فيلحقه الدباغ ويَطهرُ إذا كان ميتة، لقوله لله: "أيما إهاب دبغ فقط طَهُر"، وقال: "دباغ الأديم ذكاته"، ولم يفوق بين الكلب وغيره؛ ولأنه تلحقه الذكاة عندنا لو ذُبح لكان طاهرًا، فإن قيل: إذا كان نجسًا في حال الحياة، كيف يًطهر بالدباغ؟ قيل له: كما يكون جلد الميتة نجسًا، ويطهره الدباغ؛ لأن الدباغ ذكاته كالذبح". أهـ، قلت: وذهب الباجي في "المنتقي شرح الموطأ" (٣/ ١٣٥) إلى أن الدباغ يطهر جلد الميتة طهارة مخصوصة بمعنى التنظيف وإباحة الاستعمال، وإن لم ترفع حكم موجب الطهارة، وقال: "يدل على ذلك أن التيمم قد سُميَ في الشرع طهارة وسُميَ التراب طهورًا، كما يُسمى الماء، وإن كان لا يدفع حكم موجبه وهو الحدث، وإنما تستباح به الصلاة فكذلك في مسألتنا مثله". اهـ قلت: وفيما قاله نظر؛ لأنه قياس مع الفارق، كذا هو مخالف لمنطوق حديث: "إذا دبغ الإهاب فقد طهرُ".
(٢) "الفتاوى" (٢١/ ٩٧ إلى ١٠٢).

<<  <   >  >>