وكانت وفاته رحمه الله ليلة الإثنين في العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة عن ثمان وستين سنة إلا قليلًا. فرضي الله عنه وأرضاه ورفعه درجاته في المهديين ونفعنا والمسلمين بعلومه إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين". اهـ
وقال د. عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي:
"وُلد شيخ الإسلام عام ٦٦١ هـ في مدينة حران، وعاش في بيئة عريقة في العلم والدين والتقوى، وكانت الحنابلة بكثرة كاثرة في حران ودمشق بعد سقوط عاصمة الخلافة (بغداد) عام ٦٥٦ هـ إثر غارات التتر، وقد حوت عددًا كبيرًا من أهل العلم في مختلف الفنون، وكانت دُوْرُ العلم منتشرة، كما كانت للحنابلة شوكة بانتشار علمائهم ومدارسهم.
وأما من الناحية العقائدية فكان المذهب الأشعري -المرفوض لدى الإمام الأشعري نفسه- هو المذهب السائد في البلدان الإسلامية لدعم الأمراء والسلاطين لهذا المذهب من عصر السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى عصور المماليك.
وكانت الحنابلة على مذهب الإمام أحمد في الأصول والفروع، وكانت بينهم وبين الأشاعرة مناظرات ومناقشات، وكانت البدع والخرافات منتشرة في صفوف المسلمين مع رواج الفلسفة، والكلام، والمنطق، والتصوف، والشعوذة والرفض والباطنية في أمة الإسلام كما كان عصره يموج بالاضطراب السياسي، والمنازعات