للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الله- حينما قال: "فبعد ثبوت المسح على الجوربين عن الصحابة - رضي الله عنهم -: أفلا يجوز لنا أن نقول فيمن ركب عنه ما قاله إبراهيم هذا -أي: النخعي- في مسحهم على الخفين: "فمن ترك ذلك رغبة عنه، فإنما هو من الشيطان"، رواه ابن أبي شيبة (١/ ١٨٠) بإسناد صحيح عنه". أهـ.
قلت: وفي كلام وجيز متين للمصنف -رحمه الله- في "القواعد النورانية" (١/ ٩٣، ٩٤) بيَّن أنه لا يسع عالم الحديث بعد أن يطلع على الآثار الواردة في شأن المسح على الجوربين إلا أن يقول بها، فقال -رحمه الله-: "فقد صنف الإمام أحمد كتاب "المسح على الخفين"، وذكر فيه من النصوص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في المسح على الخفين والجوربين والعمامة، بل على خُمر النساء، كما كانت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرها تفعله، وعلى القلانس، كما كان أبو موسى وأنس يفعلانه، ما إذا تأمله العالم عُلِم فضل علم أهل الحديث على غيرهم، مع أن القياس يقتضي ذلك اقتضاءً ظاهرا، وإنما توقف عنه من توقف من الفقهاء؛ لأنهم قالوا بما بلغهم من الأثر، وجبنوا عن القياس ورعًا، ولم يختلف قول أحمد فيما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كأحاديث المسح على العمائم والجوربين والتوقيت في المسح، وإنما اختلف قوله فيما جاء عن الصحابة، كخُمُر النساء وكالقلانس الدنيات". أهـ.
قلت: وقد استفضت في هذه النقطة؛ لأنه قد ظهر في هذا الزمان بعض المنتسبين إلى علم الحديث ممن أشاع دعوة عدم مشروعية المسح على الجوربين تحت دعوى ضعف الأحاديث المرفوعة، ونحن لا نخالفه في وجود نزاع في ثبوت الأحاديث المرفوعة، لكن ننازعه في تضعيفه كل الآثار الواردة عن الصحابة، مخالفًا بذلك كل علماء الحديث على مر الأزمان السابقة -وعلى رأسهم الإمام أحمد إمام السنة- ممن اطلعوا على هذه الآثار، ولم يغمزوها بضعفٍ أو نكارة، بل الأدهى والأمر أنه زاد بدعًا من القول ألا وهو قوله: إنه حتى ولو صحت هذه الآثار عن الصحابة، فإنه لا يلزمني فهم الصحابة، فالحجة في الكتاب والسنة فقط -هكذا قال- فكأنه قال بلسان حاله: أنا أحسن فهمًا وأكثر ورعًا من هؤلاء الصحابة، وإن كنا نربأ به أن يقصد هذا القول الأخير، فلا ريب أن هؤلاء المخالفين قد خالفوا الأثر الصريح، والقياس الصحيح، وخرجوا عن سبيل أصحاب الحديث في هذه المسألة.

<<  <   >  >>