أجاب بها شيخ الإسلام الإمام المجتهد الحجة، التقي الصالح، الفقيه المدث، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن عبد السلام بن تينية الحراني، ولد ٦٦١ هـ وتوفي في قلعة دمشق حبيس الحسد والظلم والجهل والخرافات والتقليد الأعمى في ٧٢٨ هـ ولقي ربه مجاهدًا صابرًا محتسبًا.
وردت عليه تلك المسائل من مدينة ماردين؛ فأجاب عليها هذه الأجوبة الشافية من أمراض الجهل والتشديدات والتعسيرات التي نفث سمومها المدعون أنهم الفقهاء، وليسوا من الفقه والفهم عن الله ورسوله في شيء، وإنمان هم جماعة قادهم شيطان الجهل بأغلال التقليد الأعمى، فذهبوا يضربون من ورائه في بيداء الضلالات والسخافات، وذهب أكثر الناس يسعى وراءهم حثيثًا على غير هدى ولا بصيرة، حتى ضربت عليهم سرادقات الغفلة وقيدوا بقيود ثقيلة، من ذلك: السخافات التي زعموها "فروعًا" فأقعدتهم عن مسايرة الحياة، وقعدت بهم عن النهوض بحمل ما خلفه لهم سلفهم الصالح من العزة والسلطان، فتركتهم الحياة وراءها، وجرت عليهم سنة الله في الماضين حين عموا عن نعم ربهم وآياته وكفروا بها، وذهب عدوهم يسلب من أيديهم تراث أسلافهم واحدة إثر واحدة، حتى أصبحوا اليوم، وليس بأيديهم إلا الأماني الخادعة، والدعاوي الكاذبة، والجهالة المطبقة، والوهن يقعد بهم عن منازل العزة،