للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} فإن الكلام إنما هو فيما لم يتغير بالنجاسة: لا طعمه ولا لونه ولا ريحه.

فإن قيل: فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن البول في الماء الدائم، وعن الاغتسال فيه (١).

قيل: نَهيُهُ عن البول في الماء الدائم لا يَدل على أنه يَنجُس بمجرد البول؛ إذ ليس في اللفظ ما يَدل على ذلك بل قد يكون نَهْيُهُ [سدًّا للذريعة] (٢)؛ لأن البول ذريعة إلى تنجيسه، فإنه إذا بال هذا ثم بال هذا تغير الماء بالبول فكان نهيه سدًّا للذريعة، [أو يُقال: إنه مكروه بمجرد الطبع، لا لأجل أنه ينجسه] (٣) (٤).

وأيضًا: [فيَدل] (٥) نهيُهُ عن البَوْل في الماء الدائم أنه يَعُمُّ القليل والكثير، فيُقال لصاحب القُلَّتَيْن: [أتُجَوِّز] (٦) بوله فيما فوق القلتين؟ إن جوزته فقد خالفت ظاهر النص، وإن حرمتُهُ فقد نقضت دليلك.

وكذلك يُقال لمن فرَّق بين ما يمكن نزحُهُ وما لا يُمكن: أتُسَوِّغ للحجاج أن يبولوا في المصانع (٧) المبنيَّة بطريق مكة إن جوزته خالفت


(١) أخرجه مسلم (٢٨٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) سقطت من (خ).
(٣) قال الشيخ محمد حامد الفقي -رحمه الله-: "والنهي عنه لأن البول في الماء يترتب عليه -فضلًا عن إفساد الماء - تلوينه بأنواع الأمراض، كالبولهارسيا وغيرها من الأمراض الفتاكة". اهـ.
(٤) سقطت من (خ).
(٥) سقطت من (خ).
(٦) في (خ): [أيجوز].
(٧) قال الفيومي في "المصباح المنير" (مادة: صنع) (ص ١٣٣): "المصنع: ما يُصنع لجمع الماء نحو البركة والصهريج والمصنعة بالهاء لغةً، والجمع مصانع". أهـ.

<<  <   >  >>