وغالب ما كانت تفعله الجاهلية إذا حلّ أجل الدين قال من هو له، لمن هو عليه:
أتقضي أم تربي؟ فإذا لم يقض زاد مقدارا في المال الذي عليه وأخر له الأجل إلى حين.
وهذا حرام بالاتفاق. ومعنى الآية أن الله أحل البيع وحرّم نوعا من أنواعه وهو المشتمل على الربا.
والبيع مصدر باع يبيع: أي دفع عوضا وأخذ معوّضا، وقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم ذنب الربا منها حديث عبد الله بن مسعود عند الحاكم- وصححه- والبيهقي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:«الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه! وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم»«١» . وورد هذا المعنى- مع اختلاف العدد- عن جمع من الصحابة منهم عبد الله بن سلام وكعب وابن عباس. وتمام الكلام في هذا المرام في شرحنا لبلوغ المرام فليرجع إليه.
وَإِنْ تُبْتُمْ أي من الربا فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ تأخذونها لا تَظْلِمُونَ غرماءكم بأخذ الزيادة وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) أنتم من قبلهم بالمطل والنقص. وفي هذا دليل على أن أموالهم- مع عدم التوبة- حلال لمن أخذها من الأئمة ونحوهم، وقد دلت الآية التي قبلها أعني قوله: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، على أن أكل الربا والعمل به من الكبائر. ولا خلاف في ذلك.