للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الكل محكم. والمراد هنا غير المختلعة فلا يحل لزوجها أن يأخذ مما آتاها شيئا.

[الآية الثامنة]

وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا (٢٢) .

وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ نهى عما كانت عليه الجاهلية من نكاح نساء آبائهم إذا ماتوا، وهو شروع في بيان من يحرم نكاحه من النساء ومن لا يحرم.

إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ هو استثناء منقطع: أي لكن ما قد سلف في الجاهلية فاجتنبوه ودعوه، وقيل: إلا بمعنى بعد: أي بعد ما سلف. وقيل: المعنى ولا ما سلف، وقيل:

هو استثناء متصل من قوله: ما نَكَحَ آباؤُكُمْ يفيد المبالغة في التحريم بإخراج الكلام مخرج التعليق «١» بالمحال: بمعنى إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوا فلا يحلّ لكم غيره! ... وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والحاكم- وصححه- والبيهقي في سننه عن البراء، قال: «لقيت خالي ومعه الراية. قلت: أين تريد؟ قال:

بعثني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله» «٢» . ثم بين سبحانه وجه النهي عنه فقال: إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا (٢٢) هذه الصفات الثلاث تدل على أنه من أشدّ المحرمات وأقبحها، وقد كانت الجاهلية تسميه «نكاح المقت» وهو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها أو مات عنها.

ويقال لهذا «الضّيزن» وأصل المقت: البغض.


(١) جاء في فتح القدير [١/ ٤٤٢] [التعلق] .
(٢) [صحيح] أخرجه ابن أبي شبه في المصنف [٥/ ٥٤٩] ح [٢٨٨٦٥] وأحمد في المسند [٤/ ٢٩٢] وسعيد بن منصور في السنن [١/ ٢٣٥] ح [٩٤٢] وابن ماجه في السنن ح [٢٦٠٧] والدارقطني في السنن [٣/ ١٩٦] والبغوي في شرح السنة [١٠/ ٣٠٥] ح [٢٥٩٢] والترمذي في الجامع [٣/ ٦٤٣] ح [١٣٦٢] .
ورواه البيهقي في السنن [٨/ ٢٣٧] و [٧/ ١٦٢] ورواه النسائي في المجتبى [٦/ ١١٠] وأبو داود في السنن [٤/ ١١٥] ح [٤٤٥٧] والدارمي في السنن [٢/ ١٥٣] .

<<  <   >  >>