للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبركاته ومرضاته وتحياته.

قال القرطبي «١» : أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنّة مرغّب فيها، وردّه فريضة لقوله: فَحَيُّوا، وظاهر الأمر الوجوب.

والمراد بقوله: أَوْ رُدُّوها الاقتصار على مثل لفظ المبتدئ بأن يقول المجيب:

وعليكم السلام في مقابلة السلام عليكم. وظاهر الآية الكريمة أنه لو رد عليه بأقل مما سلم به أنه لا يكفي، وحملها الفقهاء على أنه الأكمل فقط. واختلفوا: إذا رد واحد من جماعة هل يجزىء أو لا؟ فذهب مالك والشافعي إلى الإجزاء، وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجزىء عن غيره، ويرد عليهم حديث عليّ عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال «يجزىء عن الجماعة إذا مروا أن يسلّم أحدهم، ويجزىء عن الجلوس أن يرد أحدهم» «٢» وأخرجه أبو داود وفي إسناده سعيد بن خالد الخزاعي المدني وليس به بأس، وقد ضعفه بعضهم! وقد حسن الحديث ابن عبد البر، وقد ورد في السنة المطهرة في تعيين من يبتدىء بالسلام ومن يستحق التحية ومن لا يستحقها ما يغني عن البسط هاهنا وقد وفينا حقه في شرحنا لبلوغ المرام.

[الآيات العشرون والحادية والثانية والعشرون]

وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (٩٠) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (٩١) .


(١) تفسير القرطبي [٥/ ٢٩٨] .
(٢) [ضعيف] أخرجه أبو داود في السنن [٤/ ٣٥٥] ح [٥٢١٠] وأبو يعلى في مسنده [١/ ٣٤٥] ح [٤٤١] وابن السنن في عمل اليوم والليلة ح [٢٢٤] والبيهقي في السنن الكبرى [٩/ ٤٨- ٤٩] وابن عبد البر في التمهيد [٥/ ٢٩٠] وأخرجه الطبراني في الكبير [٣/ ٨٤] ح [٢٧٣٠] وأبو نعيم في الحلية [٨/ ٢٥١] ورواه مالك في الموطأ [٩٥٩] ورواه ابن عبد البر في التمهيد [٥/ ٢٩١] .

<<  <   >  >>