[الآية الثالثة]
قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٣) .
قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ جمع فاحشة، وهي كل معصية.
ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ: أي ما أعلن منها وما أستر، وقيل هي خاصة بفواحش الزنا! ولا وجه لذلك.
وَالْإِثْمَ: يتناول كل معصية يتسبب عنها الإثم، وقيل: هو الخمر خاصة، ومنه قول الشاعر:
شربت الإثم حتى ضل عقلي ... كذاك الإثم يذهب بالعقول
وقد أنكر التخصيص جماعة من أهل العلم، وحقيقته أنه جميع المعاصي.
وقال الفراء: الإثم ما دون الحق والاستطالة على الناس «١» . انتهى.
وليس في إطلاق الإثم على الخمر ما يدل على اختصاصه به.
وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ: أي الظلم المجاوز للحد، وإفراده بالذكر بعد دخوله فيما قبله لكونه ذنبا عظيما كقوله: وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ [النحل: ٩٠] .
وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً أي وأن تجعلوا لله شريكا، لم ينزل عليكم به حجة، والمراد التهكم بالمشركين لأن الله لا ينزل برهانا بأن يكون غيره شريكا.
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٣) : بحقيقته، وأن الله قاله، وهذا مثل ما كانوا ينسبون إلى الله سبحانه من التحليلات والتحريمات التي لم يأذن بها.
[الآية الرابعة]
وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)
(١) انظر: معاني الفرّاء (١/ ٣٧٧، ٣٨) ، وتفسير ابن عطية (٥/ ٤٨٤، ٤٨٥) ، وزاد المسير (٣/ ١٩٠) ، والطبري (٨/ ١٢٣) ، والنكت والعيون (٢/ ٢٥) .