للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى: ٣٠] قال ابن العربي: وهذا نفيس جدا.

وقيل: لا يجعل الله تعالى لهم عليهم سبيلا شرعا، فإن وجد فبخلاف الشرع، فإن شريعة الإسلام ظاهرة إلى يوم القيامة. هذا خلاصة ما قاله أهل العلم في هذه الآية «١» .

وهي صالحة للاحتجاج بها على كثير من المسائل، كعدم إرث الكافر من المسلم، وعدم تملكه مال المسلم إذا استولى عليه، وعدم قتل المسلم بالذمي.

[الآية السابعة والثلاثون]

لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨) .

لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ: نفي الحب كناية عن البغض.

قرأ الجمهور: إِلَّا مَنْ ظُلِمَ على البناء للمجهول، وقرأ زيد بن أسلم وابن أبي إسحاق والضحاك وابن عباس وابن جبير وعطاء بن السائب على البناء للمعلوم. وهو على القراءة الأولى استثناء متصل بتقدير مضاف محذوف، أي إلا جهر من ظلم.

وقيل: إنه على القراءة الأولى أيضا منقطع: أي لكن من ظلم فله أن يقول ظلمني فلان مثلا «٢» .

واختلف أهل العلم في كيفية الجهر بالسوء الذي يجوز لمن ظلم، فقيل: هو أن يدعو على من ظلمه، وقيل: لا بأس أن يجهر بالسوء من القول على من ظلمه، بأن يقول: فلان ظلمني، أو هو ظالم، أو نحو ذلك. وقيل معناه إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول من كفر أو نحوه فهو مباح.

والآية على هذا في الإكراه، وكذا قال قطرب، قال: ويجوز أن يكون على البدل،


(١) انظر هذه الأقوال في: فتح القدير (١/ ٥٢٧، ٥٢٨) . [.....]
(٢) قراءة العشر بفتح الظاء بمعنى: ما يفعل الله بعذابكم إلا من ظلم، والمعنى على قراءة الجمهور:
إلا أنه يدعو المظلوم على من ظلمه، أو أن ينتصر المظلوم من ظالمه، أو أن يخبر بظلم من ظلمه، واختلف في الاستثناء هنا: أهو منقطع! وهو الأرجح أم متصل أما على قراءة الفتح فالاستثناء منقطع. ينظر: الفراء (١/ ٢٩٣) ، والزجاج (٢/ ١٣٧) ، والمشكل (١/ ٢١٠) ، والتبيان (١/ ٢٠٠) .

<<  <   >  >>