للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) وقيل: السبيل سبيل المدينة.

وقد استدل بهذه الآية، على أن الهجرة واجبة على كل من كان بدار الشرك، أو بدار يعمل فيها بمعاصي الله جهارا، إذا كان قادرا على الهجرة، ولم يكن من المستضعفين، لما في هذه الآية من العموم، وإن كان السبب خاصا كما تقدم، وظاهرها عدم الفرق بين مكان ومكان، وزمان وزمان.

وقد ورد في الهجرة أحاديث ذكرناها في جواب سؤال عن الهجرة اليوم من أرض الهند فليراجع.

وورد ما يدل على أنه لا هجرة بعد الفتح «١» .

وقد أوضحنا ما هو الحق في شرحنا على «بلوغ المرام» فليرجع إليه.

[الآية الثامنة والعشرون]

وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (١٠١) .

وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ شروع في كيفية الصلاة عند الضرورات من السفر، ولقاء العدو، والمطر، والمرض.

وفيه تأكيد لعزيمة المهاجر على الهجرة، وترغيب له فيها، لما فيه من تخفيف المئونة، أي إذا سافرتم أي مسافرة كانت كما يفيده الإطلاق.

فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ: أي وزر وحرج في أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ فيه دليل على أن القصر ليس بواجب، وإليه ذهب الجمهور.

وذهب الأقلون إلى أنه واجب ومنهم عمر بن عبد العزيز، والكوفيون، والقاضي إسماعيل، وحماد بن أبي سليمان، وهو مروي عن مالك، واستدلوا بحديث عائشة الثابت في «الصحيح» : «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فزيدت في الحضر وأقرت في السفر» «٢» .


(١) حديث صحيح: رواه البخاري (٦/ ٣) ، ومسلم (٩/ ١٢٣) ، عن ابن عباس مرفوعا.
(٢) حديث صحيح: رواه البخاري (١/ ٤٦٤) ، ومسلم (٥/ ١٩٤) ، عن عائشة مرفوعا.

<<  <   >  >>