الفضل والبر، إنما هو في فعل ما ندب الله عباده إليه، وعمل به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وسنّة لأمته، واتبعه على منهاجه الأئمة الراشدون، إذ كان خير الهدي هدي نبينا محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فإذا كان ذلك كذلك تبين خطأ من آثر لباس الشّعر والصوف على لباس القطن والكتان، إذا قدر على لباس ذلك من حله، وآثر أكل الخشن من الطعام وترك اللحم وغيره حذرا من عارض الحاجة إلى النساء.
قال: فإن ظنّ ظانّ، أن الفضل في غير الذي قلنا، لأن في لباس الخشن وأكله، من المشقة على النفس، وصرف ما فضل بينهما من القيمة إلى أهل الحاجة طاعة فقد ظن خطأ وذلك أن الأولى بالإنسان صلاح نفسه، وعونه لها على طاعة ربها، فلا شيء أضر للجسم من المطاعم الرديئة، لأنها مفسدة لعقله، ومضعفة لأدواته التي جعلها الله سببا إلى طاعته.
لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ: قد تقدم تفسير اللغو والخلاف فيه، في سورة البقرة «١» .
فِي أَيْمانِكُمْ صلة يُؤاخِذُكُمُ. قيل: و (في) بمعنى (من) .
والأيمان: جمع يمين.
وفي الآية دليل على أن أيمان اللغو لا يؤاخذ الله الحالف بها، ولا تجب فيها الكفارة. وقد ذهب الجمهور من الصحابة، ومن بعدهم إلى أنها قول الرجل: لا والله! وبلى والله في كلامه، غير معتقد لليمين، وبه فسّر الصحابة الآية، وهم أعرف بمعاني القرآن.