وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ والعقد على ضربين: حسّي كعقد الحبل، وحكمي كعقد البيع واليمين، فاليمين المعقدة من عقد القلب ليفعلن أو لا يفعلن في المستقبل، أي ولكن يؤاخذكم بأيمانكم المعقدة، الموثقة بالقصد والنية، إذا حنثتم فيها.
وأما اليمين الغموس فهي يمين مكر وخديعة وكذب قد باء الحالف بإثمها وليست بمعقودة ولا كفارة فيها كما ذهب إليه الجمهور.
وقال الشافعي: هي يمين معقودة لأنها مكتسبة بالقلب، معقودة غير مقرونة باسم الله، والراجح الأول، وجميع الأحاديث الواردة في تكفير اليمين موجهة إلى المعقودة، ولا يدل شيء منها على الغموس بل ما ورد في الغموس إلا الوعيد والترهيب، وأنها من الكبائر، وفيها نزل قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا [آل عمران: ٧٧] الآية.
فَكَفَّارَتُهُ: هي مأخوذة من التكفير، وهو التستر وكذلك الكفر: هو الستر، والكافر هو الساتر، لأنها تستر الذنب وتغطيه، والضمير في كفارته راجع إلى ما في قوله: بِما عَقَّدْتُمُ.
إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ: المراد بالوسط هنا: المتوسط بين طرفي الإسراف والتقتير، وليس المراد به الأعلى- كما في غير هذا الموضع- أي أطعموهم من المتوسط مما تعتادون إطعام أهليكم منه، ولا يجب عليكم أن تطعموهم من أعلاه ولا يجوز لكم أن تطعموهم من أدناه، وظاهره أنه يجزىء إطعام عشرة حتى يشبعوا.
وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: لا يجزىء إطعام العشرة غداء دون عشاء، حتى يغديهم ويعشيهم.
قال ابن عمر: هو قول أئمة الفتوى بالأمصار.
وقال الحسن البصري وابن سيرين: يكفيه أن يطعم عشرة مساكين أكلة واحدة، خبزا وسمنا، أو خبزا ولحما.