للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» «١» .

وفي البخاري: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذكر نبيا قبله شجه قومه، فجعل يخبر عنه بأنه قال:

«اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» «٢» .

مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣) : هذه الجملة تتضمن التعليل للنهي عن الاستغفار.

والمعنى أن هذا التبين موجب لقطع الموالاة لمن كان هكذا وعدم الاعتداد بالقرابة، لأنهم ماتوا على الشرك، وقد قال سبحانه إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: ٤٨] فطلب المغفرة لهم في حكم المخالفة لوعد الله ووعيده.

[الآية السابعة والعشرون]

وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢) .

وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً: اختلف المفسرون في معناها؟ فذهب جماعة إلى أنه من بقية أحكام الجهاد، لأنه سبحانه لما بالغ في الأمر بالجهاد والانتداب إلى الغزو كان المسلمون إذا بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سرية إلى الكفار، ينفرون جميعا ويتركون المدينة خالية، فأخبرهم سبحانه بأنه ما كان لهم ذلك، أي ما صح لهم ولا استقام أن ينفروا جميعا.

فَلَوْلا: بمعنى هلا، فهي تحضيضية على معنى الطلب.

نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ: ويبقى من عدا هذه الطائفة النافرة، ويكون الضمير في قوله: لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ: عائدا إلى الفرقة الباقية «٣» .

والمعنى أن طائفة من هذه الفرقة تخرج إلى الغزو، ومن بقي من الفرقة يقفون


(١) صحيح: رواه مسلم (١٢/ ١٤٩، ١٥٠) .
(٢) حديث صحيح: رواه البخاري (٦/ ٥١٤) .
(٣) انظر: الطبري (١١/ ٥٥) ، الزجاج (٢/ ٥٢٩) .

<<  <   >  >>