للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحريرا مجودا، وغيره في غيره.

قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨) : أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، كما ورد ذلك في الحديث الصحيح، وبذلك قال جمهور المفسرين.

[الآية السادسة]

قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا (١١٠) .

وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها: أي بقراءة صلاتك على حذف المضاف للعلم، لأن الجهر والمخافتة من نعوت الصموت لا من نعوت أفعال الصلاة، فهي من إطلاق الكل وإرادة الجزء. يقال: خفت صوته خفوفا إذا انقطع كلامه وضعف وسكن، وخفت الزرع إذا ذبل، وخافت الرجل بقراءته إذا لم يرفع بها صوته، وقيل: معناه لا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها، والأول أولى «١» .

وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ: أي الجهر والمخافتة المدلول عليهما في الفعلين.

سَبِيلًا (١١٠) أي طريقا مستويا بين الأمرين، فلا تكن مجهورة ولا مخافتا بها.

وعلى التفسير الثاني يكون معنى ذلك النهي عن الجهر بقراءة الصلوات كلها، والنهي عن المخافتة بقراءة الصلوات كلها، والأمر يجعل البعض منها مجهورا به وهو صلاة الليل، والمخافتة بصلاة النهار.

وذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الأعراف: ٥٥] .


(١) قال النحاس: فيها وجهان: أحدهما: رواه الأعمش عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يعلن إذا قرأ، فيسبّ المشركون القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، فصار يخفي القراءة فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
والقول الآخر: رواه هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة: يا ابن أختي أتدري فيم أنزل هذه الآية- قال: قلت: لا، قالت: أنزل في الدعاء. وقال النحاس: والإسنادان حسنان، والدعاء يسمّى صلاة، ولا يكاد يقع ذلك للقراءة. ويقال: إنما قيل: صلاة، لأنها لا تكون إلا بدعاء، والدعاء صلاة فسمّيت باسمه (معاني القرآن ٣/ ٢٠٧، ٢٠٨) .

<<  <   >  >>