للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي ينبغي التعويل عليه في مثل هذا الخلاف هو النظر في معنى الدخول شرعا أو لغة: فإن كان خاصا بالجماع فلا وجه لإلحاق غيره به من لمس أو نظر أو غيرهما، وإن كان معناه أوسع من الجماع بحيث يصدق على ما حصل فيه نوع استمتاع كان مناط التحريم هو ذلك.

وأما الربيبة في ملك اليمين فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه كره ذلك.

وقال ابن عباس: أحلتهما آية وحرمتهما آية ولو لم أكن لأفعله.

وقال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل أن يطأ امرأة وابنتها من ملك اليمين لأن الله حرّم ذلك في النكاح، قال: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ، وملك اليمين عندهم تبع للنكاح، إلا ما روي عن عمر وابن عباس، وليس على ذلك أحد من أئمة الفتوى ولا من تبعهم انتهى.

وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الحلائل: جمع حليلة وهي الزوجة، سميت بذلك لأنها تحلّ مع الزوج حيث حلّ، فهي فعلية بمعنى فاعلة. وذهب الزجاج وقوم إلى أنها من لفظ الحلال فهي حليلة بمعنى محللة وقيل: لأن كل واحد منهم يحل إزار صاحبه.

وقد أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء وما عقد عليه الأبناء على الآباء سواء كان مع العقد وطء أو لم يكن. لقوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ، وقوله تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ.

واختلف الفقهاء في العقد إذا كان فاسدا هل يقتضي التحريم أم لا كما هو مبين في كتب الفروع؟

وقال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم من علماء الأمصار أن الرجل إذا وطئ امرأة بنكاح فاسد لا تحرم على أبيه وابنه وعلى أجداده «١» ، وأجمع العلماء على أن عقد الشراء على الجارية لا يحرّمها على أبيه وابنه «٢» ، لا أعلمهم يختلفون فيه فوجب تحريم ذلك تسليما لهم. ولو اختلفوا في تحريمها بالنظر دون اللمس لم يجز ذلك لاختلافهم. قال ولا يصح عن أحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خلاف ما قلناه.

الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وصف للأبناء: أي دون من تبنيتم من أولاد غيركم،


(١) انظر الإجماع لابن المنذر [ص/ ٧٦] .
(٢) انظر الإجماع لابن المنذر [ص/ ٧٦] .

<<  <   >  >>