للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونواهيه، وطاعة رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم هي فيما أمر به ونهى عنه.

قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في «أعلام الموقعين» «١» : أمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله وأعاد الفعل إعلاما بأن طاعة الرسول تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقا سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه، فإنما أوتي الكتاب ومثله معه. ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالا، بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول، إيذانا بأنهم يطاعون تبعا لطاعة الرسول، فمن أمر منهم بطاعة الرسول وجبت طاعته، ومن أمر بخلاف ما جاء به الرسول فلا سمع له ولا طاعة. كما صح عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنما الطاعة في المعروف» «٢» ، وقال في ولاة الأمور: «من أمركم منهم بمعصية الله فلا سمع له ولا طاعة» «٣» انتهى.

وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ: لما أمر الله سبحانه القضاة والولاة إذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل أو الحق أمر الناس بطاعتهم هاهنا، وأولو الأمر هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كانت له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية.

والمراد طاعتهم فيما يأمرون به وينهون عنه، ما لم تكن معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الله، كما قلت ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وقال جابر بن عبد الله ومجاهد والحسن البصري وأبو العالية وعطاء بن أبي رباح وابن عباس والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنهما: إن أولي الأمر هم أهل القرآن والعلم، وبه قال مالك والضحاك.

وروي عن مجاهد أنهم أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وقال ابن كيسان هم أهل العقل والرأي.

والراجح القول الأول- قاله الشوكاني.

وقال الحافظ ابن القيم رحمه الله في «أعلام الموقعين» «٤» تحت هذه الآية:

والتحقيق أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء،


(١) أعلام الموقعين [١/ ٤٨] .
(٢) [متفق عليه] أخرجه البخاري في الصحيح [٨/ ٥٨- مع الفتح] ح [٤٣٤٠، ٧١٤٥، ٧٢٥٧] ومسلم في الصحيح ح [١٨٤٠] [٣٩] [٤٠] .
(٣) أخرجه مسلم في الصحيح ح [١٨٣٩] والنسائي في المجتبى [١/ ١٦٠] ح [٤٢٠٧] وابن ماجه في السنن ح [٢٨٦٤] .
(٤) أعلام الموقعين [١/ ١٠] .

<<  <   >  >>