للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ: هذا النفي هو بمعنى النهي المقتضي للتحريم، كقوله تعالى: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ [الأحزاب: ٥٣] ، ولو كان هذا النفي على معناه، لكان خبرا وهو يستلزم صدقه، فلا يوجد مؤمن قتل مؤمنا قط.

أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً. وقيل: المعنى ما كان له ذلك في عهد الله، وقيل: ما كان له ذلك فيما سلف، كما ليس له الآن بوجه.

ثم استثنى منه استثناء منقطعا فقال: إِلَّا خَطَأً: أي ما كان له أنه يقتله البتة، لكن إن قتله خطأ فعليه كذا. هذا قول سيبويه والزجاج.

وقيل: هو استثناء متصل، والمعنى: ما ثبت، ولا وجد، ولا ساغ لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، إذ هو مغلوب حينئذ. وقيل: المعنى ولا خطأ «١» .

قال النحاس: ولا يعرف ذلك في كلام العرب، ولا يصح في المعنى لأن الخطأ لا [يحظر] «٢» ، وقيل: المعنى: لا ينبغي أن يقتله لعلّة من العلل إلا بالخطأ وحده، فيكون قوله: خَطَأً منتصبا بأنه مفعول له، ويجوز أن ينتصب على الحال. والتقدير لا يقتله في حال من الأحوال إلا في حال الخطأ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف، أي إلا قتلا خطأ.

ووجوه الخطأ كثيرة ويضبطها عدم القصد، والخطأ اسم من أخطأ خطأ إذا لم يتعمد «٣» .

وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً بأن قصد رمي صيد مثلا، فأصابه أو ضربه بما لا يقتل غالبا، كذا قيل.

فَتَحْرِيرُ: أي: فعليه تحرير.


(١) انظر: فتح القدير للشوكاني (١/ ٤٩٧) .
وقد قال الزجاج: «ما كان لمؤمن البتة، و «إلا خطأ» استثناء ليس من الأول ... » وينظر:
معاني الزجاج (٢/ ٩٧) ، والطبري (٥/ ١٢٨) ، والنكت للماوردي (١/ ٤١٤) ، وزاد المسير لابن الجوزي (٢/ ١٦٢) ، والقرطبي (٥/ ٣١٢) .
(٢) حرّف في «المطبوعة» إلى (يحصر) وهو خطأ، وصوبناه من فتح القدير للشوكاني (١/ ٤٩٧) .
(٣) انظر: الصحاح واللسان (خطأ) . [.....]

<<  <   >  >>