للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موته في غير مرة كما هو معروف «١» .

ومعنى فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ: أردت إقامتها، كقوله: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة: ٦] ، وقوله: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [النحل: ٩٨] .

فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ: يعني بعد أن تجعلهم طائفة تقف بإزاء العدو، وطائفة منهم تقوم معك في الصلاة.

وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ أي الطائفة التي تصلي معه.

وقال ابن عباس: الضمير راجع إلى الطائفة الأولى بإزاء العدو، لأن المصلية لا تحارب «٢» . والأول أظهر لأن الطائفة القائمة بإزاء العدو، لا بد أن تكون قائمة بأسلحتها، وإنما يحتاج إلى الأمر بذلك، من كان في الصلاة لأنه يظن أن ذلك ممنوع من حال الصلاة، فأمره الله بأن يكون آخذا لسلاحه، أي غير واضع له.

وليس المراد الأخذ باليد، بل المراد أن يكونوا حاملين لسلاحهم ليتناولوه من قرب إذا احتاجوا إليه، وليكون ذلك أقطع لرجاء عدوهم من إمكان فرصة فيهم.

وجوّز الزجاج والنحاس أن يكون ذلك أمرا للطائفتين جميعا، لأنه أرهب للعدو.

وقد أوجب أخذ السلاح في هذه الصلاة أهل الظاهر حملا للأمر على الوجوب.

وذهب أبو حنيفة إلى أن المصلين لا يحملون السلاح، وأن ذلك يبطل الصلاة، وهو مدفوع بما في هذه الآية، وبما في الأحاديث الصحيحة كما أوضحنا ذلك، مع بيان كيفيات تلك الصلاة الثابتة في شرحي: «الدرر البهية» «٣» و «مسك الختام» .

فَإِذا سَجَدُوا: أي القائمون في الصلاة، فَلْيَكُونُوا، أي الطائفة القائمة بإزاء العدو، مِنْ وَرائِكُمْ: من وراء المصلين.

ويحتمل أن يكون المعنى فإذا سجد المصلون معك أتمّوا الركعة تعبيرا بالسجود عن جميع الركعة أو عن جميع الصلاة، فليكونوا من ورائكم، أي: فلينصرفوا بعد الفراغ


(١) حديث صحيح: ما رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢/ ٣٥١) ، والطبري (١٠٣٦١، ١٣٠٦٢) ، والبيهقي (٣/ ٣٥٢) بنحوه.
(٢) انظر: تفسير الطبري (٥/ ٢٥٠، ٢٥١) .
(٣) انظر الروضة الندية (١/ ١٤٧، ١٤٩) .

<<  <   >  >>