للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على بمعنى اللام، أي: لأجلها. قاله قطرب، وهو على هذا داخل في غير ما أهلّ به لغير الله، وخص بالذكر لتأكيد تحريمه، ولدفع ما كانوا يظنونه من أن ذلك لتشريف البيت وتعظيمه، وقيل: معناه ما قصد بذبحه تعظيم النصب، وإن لم يذكر اسمها عنده، فليس مكررا مع ما سبق، إذ ذاك فيما ذكر عند ذبحه اسم الصنم مثلا. فتأمل.

وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا: معطوف على ما قبله، أي وحرم عليكم الاستقسام.

بِالْأَزْلامِ وهي: قداح الميسر، واحدها زلم.

والأزلام للعرب ثلاثة أنواع:

أحدها: مكتوب فيه أفعل.

والآخر: مكتوب لا تفعل.

والثالث: مهمل لا شيء عليه، فيجعلها في خريطة معه، فإذا أراد فعل شيء أدخل يده- وهي متشابهة- فأخرج واحدا منها، فإن خرج الأول فعل ما عزم عليه، وإن خرج الثاني تركه، وإن خرج الثالث، أعاد الضرب حتى يخرج واحد من الأولين.

قال الزجاج: لا فرق بين هذا وبين قول المنجمين: لا تخرج من أجل نجم كذا واخرج لطلوع نجم كذا، وإنما قيل لهذا الفعل: استقسام لأنهم كانوا يستقسمون به الرزق وما يريدون فعله، كما يقال استسقى أي استدعى السقيا.

فالاستقسام: طلب القسم والنصيب.

وجملة قداح الميسر عشرة، وكانوا يضربون بها في المقامرة.

وقيل: إن الأزلام: كعاب فارس والروم التي يتقامرون بها، وقيل: هي الشطرنج.

وإنما حرم الله الاستقسام بالأزلام لأنه تعرض لدعوى علم الغيب، وضرب من الكهانة «١» .

ذلِكُمْ فِسْقٌ: إشارة إلى الاستقسام بالأزلام، أو إلى جميع المحرمات المذكورة هنا.

والفسق: الخروج عن الحد، وهذا وعيد شديد لأن الفسق هو أشد الكفر! لا ما


(١) انظر أقوال أهل التفسير في «الطبري» (٦/ ٥٠) ، وابن كثير (٢/ ١١) ، والقرطبي (٦/ ٦٣) ، وابن عطية (٤/ ٣٤٥) ، وزاد المسير (٢/ ٢٩١) .

<<  <   >  >>