للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذكورة، وفي هذه الآية: أنها الزنا والسرقة «١» .

ووجه ذلك، أن هذين الذنبين قد ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لهما حكم غير هذا الحكم.

وإذا عرفت ما هو الظاهر من معنى هذه الآية- على مقتضى لغة العرب، التي أمرنا بأن نفسر كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم بها- فإياك أن تغترّ بشيء من التفاصيل المروية، والمذاهب المحكية، إلا أن يأتيك الدليل الموجب لتخصيص هذا العموم، أو تقييد هذا المعنى المفهوم من لغة العرب، فأنت وذاك، اعمل به وضعه في موضعه، وأما ما عداه:

فدع عنك نهبا صيح في حجراته ... وهات حديثا ما حديث الرواحل

على أنا سنذكر من هذه المذاهب ما تسمعه «٢» :

اعلم أنه قد اختلف العلماء في من يستحق اسم المحاربة، فقال ابن عباس وسعيد ابن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك وأبو ثور: إن من شهر السلاح في قبة الإسلام وأخاف السبيل، ثم ظفر به، وقدر عليه، فإمام المسلمين فيه بالخيار: إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله.

وبهذا قال مالك، وصرح: بأن المحارب عنده من حمل على الناس في مصر، أو برية، أو كابرهم على أنفسهم وأموالهم، دون نائرة «٣» ، ولا [ذحل] «٤» ، ولا عداوة.

قال ابن المنذر: اختلف عن مالك في هذه المسألة، فأثبت المحاربة في المصر مرة، ونفى ذلك مرة.

وروي عن ابن عباس غير ما تقدم، فقال في قطاع الطريق: إذا قتلوا وأخذوا المال، قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال، قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا، قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا


(١) رواه الطبري (١١٨٢٧) ، (١١٨٢٨) .
(٢) انظر: تفسير الطبري (٦/ ٢٠٦، ٢٠٧) ، والقرطبي (٦/ ١٥١) ، والشوكاني (٢/ ٣٥) ، مفاتيح الغيب (٥/ ٦٦٥) .
(٣) أي من غير هائجة.
(٤) صحفت إلى (دخل) في المطبوعة، والتصويب من فتح القدير (٢/ ٣٠) ، والذحل: الثأر.

<<  <   >  >>