للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ: الخطاب لكل مسلم، أو للمحرمين خاصة.

وصيد البحر: ما يصاد فيه.

والمراد بالبحر هنا: كل ماء يوجد فيه صيد بحري، وإن كان بئرا أو غديرا.

وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ: الطعام اسم لكل ما يطعم، وقد تقدم. وقد اختلف في المراد به هنا، فقيل: هو ما قذف به البحر وطفا عليه، وبه قال كثير من الصحابة والتابعين. وقيل: طعامه ما ملح منه وبقي، وبه قال جماعة، وروي عن ابن عباس.

وقيل: طعامه ملحه الذي ينعقد من مائه سائر ما فيه من النبات وغيره، وبه قال قوم.

وقيل: المراد به ما يطعم من الصيد، أي ما يحل أكله، وهو السمك فقط، وبه قالت الحنفية.

والمعنى أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر، وأحل لكم المأكول منه وهو السمك فيكون كالتخصيص بعد التعميم، وهو تكلف لا وجه له. ونصب متاعا على أنه مصدر، أي متّعتم به متاعا، وقيل: مفعول به مختص بالطعام، أي أحل لكم طعام البحر متاعا، وهو تكلف جاء به من قال بالقول الأخير بل إذا كان مفعولا له كان من الجميع، أي أحل لكم مصيد البحر وطعامه تمتيعا لكم، أي لمن كان مقيما منكم يأكله طريا. وللسيارة أي المسافرين منكم، يتزودونه، ويجعلونه قديدا. وقيل: السيارة:

هم الذين يركبونه خاصة.

وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً أي حرم عليكم ما يصاد في البر ما دمتم محرمين، وظاهره تحريم صيده على المحرم ولو كان المصيد حلالا، وإليه ذهب الجمهور، إن كان الحلال صاده للحرم، لا إذا كان لم يصده لأجله، وهو القول الراجح، وبه يجمع بين الأحاديث، وقيل: إنه يحل مطلقا، وإليه ذهب جماعة، وقيل:

يحرم عليه مطلقا، وإليه ذهب آخرون.

وقد بسط الشوكاني هذا في «شرحه للمنتقى» «١» .


(١) انظر: نيل الأوطار (٥/ ٨٦، ٩٣) ، باب منع المحرم من أكل لحم الصيد إلا إذا لم يصد لأجله، ولا أعان عليه.

<<  <   >  >>