للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلوغ المرام» ، ورويت في بيان سبب نزول هذه الآية أحاديث عن جماعة من الصحابة ذكرها الشوكاني في «فتح القدير» «١» فليرجع إليه.

[الآية الخامسة عشرة] وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨) .

هذا يعم جميع الأمة وجميع الأموال، لا يخرج عن ذلك إلا ما ورد دليل الشرع بأنه يجوز أخذه فإنه مأخوذ بالحق لا بالباطل ومأكول بالحل لا بالإثم، وإن كان صاحبه كارها كقضاء الدين إذا امتنع منه من هو عليه، وتسليم ما أوجبه الله من الزكاة ونحوها ونفقة من أوجب الشرع نفقته.

والحاصل أن ما لم يبح الشرع أخذه من مالكه فهو مأكول بالباطل وإن طابت به نفس مالكه، كمهر البغيّ وحلوان الكاهن وثمن الخمر.

والباطل في اللغة: الذاهب الزائل «٢» . والمعنى أنكم لا تجمعوا بين أكل الأموال بالباطل «٣» وبين الإدلاء إلى الحكام بالحجج الباطلة.

وفي هذه الآية دليل على أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال من غير فرق بين الأموال والفروج، فمن حكم له القاضي بشيء مستندا في حكمه إلى شهادة زور ويمين فجور- فلا يحل له أكله فإن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، وهكذا إذا ارتشى «٤» الحاكم فحكم له بغير الحق فإنه من أكل أموال الناس بالباطل.

ولا خلاف بين أهل العلم أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال.

وقد روي عن أبي حنيفة ما يخالف ذلك، وهو مردود بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في حديث أم سلمة قالت قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنكم تختصمون إليّ ولعل أن يكون بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت


(١) انظر فتح القدير [١/ ١٨٦] .
(٢) جاء في المطبوع [الذائل] بالذال المعجمة والتصحيح من فتح القدير [١/ ١٨٨] . [.....]
(٣) جاء في المطبوع [الباطل] والتصحيح من فتح القدير [١/ ١٨٨] .
(٤) جاء في فتح القدير [١/ ١٨٨] [أرشى] .

<<  <   >  >>