بأنسابهم غرضا له تعالى فى خلقه إيّانا شعوبا وقبائل؛ فوجب بذلك أنّ علم النسب علم جليل رفيع، إذ به يكون التعارف. وقد جعل الله تعالى جزءا منه تعلّمه لا يسع أحدا جهله، وجعل تعالى جزءا يسيرا منه فضلا تعلمه، يكون من جهله ناقص الدرجة فى الفضل. وكلّ علم هذه صفته فهو علم فاضل، لا ينكر حقّه إلاّ جاهل أو معاند.
فأما الفرض من علم النسب، فهو أن يعلم المرء أنّ محمدا-صلى الله عليه وسلم- الذى بعثه الله تعالى إلى الجنّ والإنس بدين الإسلام، هو محمد بن عبد الله القرشى الهاشمىّ، الذى كان بمكة، ورحل منها إلى المدينة. فمن شكّ فى محمد -صلى الله عليه وسلم-أهو قرشىّ، أم يمانى، أم تميمىّ، أم أعجمى، فهو كافر، غير عارف بدينه، إلاّ أن يعذر بشدّة ظلمة الجهل؛ ويلزمه أن يتعلم ذلك، ويلزم من صحبه تعليمه أيضا.
ومن الفرض فى علم النسب أن يعلم المرء أن الخلافة لا تجوز إلا فى ولد فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة؛ ولو وسع جهل هذا لأمكن ادّعاء الخلافة لمن لا تحلّ له؛ وهذا لا يجوز أصلا. وأن يعرف الإنسان أباه وأمّه، وكلّ من يلقاه بنسب فى رحم محرّمة، ليجتنب ما يحرم عليه من النكاح فيهم. وأن يعرف كل من يتصل به برحم توجب ميراثا، أو تلزمه صلة أو نفقة أو معاقدة أو حكما مّا، فمن جهل هذا فقد أضاع فرضا واجبا عليه، لازما له من دينه.
حدّثنا أبو محمد عبد الله بن ربيع التميمىّ قال: ناأبو بكر محمد بن معاوية القرشى الهاشمى: ناأبو عبد الله الحسن بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبى طالب، قال: حدثنى أبى: ناأبو ضمرة أنس بن عياض: ناعبد الملك بن