وصحّ أنّه بخلاف ما قال؛ وأنه علم ينفع وجهل يضرّ. وقد أقدم قوم فنسبوا هذا القول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال علىّ: وهذا باطل ببرهانين: أحدهما: أنه لا يصح من جهة النقل أصلا؛ وما كان هكذا فحرام على كل ذى دين أن ينسبه إلى النبى صلى الله عليه وسلم؛ خوف أن يتبوأ مقعده من النار، إذ تقوّل عليه ما لم يقل. والثانى: أنّ البرهان قد قام بما ذكرناه آنفا على أن علم النسب علم ينفع، وجهل يضرّ فى الدنيا والآخرة، ولا يحلّ لمسلم أن ينسب الباطل المتيقّن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهذا من أكبر الكبائر. وفي الفقهاء من يفرّق فى أخذ الجزية وفى الاسترقاق، بين العرب [وبين] العجم، ويفرّق بين حكم نصارى بنى تغلب، وبين حكم سائر أهل الكتاب فى الجزية وإضعاف الصدقة؛ فهؤلاء يتضاعف الفرض عندهم فى الحاجة إلى علم النسب. وقد قصّ الله تعالى علينا فى القرآن ولادات كثير من الأنبياء-عليهم السلام-وهذا علم نسب. وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم-يتكلم فى النسب
فقال:«نحن بنو النضر بن كنانة» وذكر أفخاذ الأنصار-رضى الله عنهم-إذ فاضل بينهم. فقدم بنى النجّار، ثم بنى عبد الأشهل، ثمّ بنى الحارث بن الخزرج، ثمّ بنى ساعدة؛ ثمّ
قال-عليه السلام-: «وفى كلّ دور الأنصار خير». وذكر بنى تميم، وبنى عامر بن صعصعة وغطفان. وأخبر-عليه السلام-أنّ مزينة، وجهينة، وأسلم، وغفارا، خير منهم يوم القيامة. وذكر بنى تميم وشدّتهم على الدّجّال. وأخبر-عليه السلام-أن بنى العنبر بن عمرو بن تميم من ولد إسماعيل. ونسب الحبشة إلى أرفدة. ونادى قريشا بطنا بطنا، إذ أنزل الله عليه:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، وكلّ هذا علم نسب.