النوم نعمة من نعم الله - عز وجل -، امتن بها على البشر، وهو أيضًا آية من آيات الله، قال - سبحانه وتعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَسْمَعُونَ} [الروم: ٢٣]، والمؤمن لا ينام غفلة؛ وإنما ينام تعبدًا للتقوي على طاعة الله، ولذلك كان لا بد أن ينام ذاكرًا لله حذرًا من التخبيط في النوم، قال ابن القيم - رحمه الله - في "طريق الهجرتين": (فيحمد الله على أن أحياه بعد نومه الذي هو أخو الموت، وأعاده إلى حاله سويَّا سليمًا محفوظًا مما لا يعلمه، ولا يخطر بباله من المؤذيات أو الأذى، والتي هو غرض وهدف لسهامها كلها تقصده بالهلاك أو الأذى، والتي من بعضها شياطين الإنس والجن؛ فإنها تلتقي بروحه إذا نام فتقصد إهلاكه وأذاه.
فلولا أن الله - عز وجل - يدفع عنه لما سلم من هذا، ويلقي الروح في تلك الغيبة من أنواع الأذى والمخاوف والمكاره والتفزيعات ومحاربة الأعداء والتشويش والتخبيط؛ بسبب ملابستها لتلك الأرواح ما لا يعلمه إلا الله: