فباليقين فيما ذكرت لك من الأدلة، واليقين فيما ورد لك من الأذكار يغشى قلبك في الصلاة مشاعر ومعان .. قرب الرب .. سماعه - سبحانه وتعالى - .. إجابته .. رفع الدرجات .. استجابة الدعاء، التأسي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وذلك كله يجلب محبته - سبحانه وتعالى -.
وبهذا تصير الصلاة قرة العين ..
وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته والرغبة فيه واجلاله وتعظيمه من الصلاة كحظ القلب الخالي الخراب من ذلك، فإذا وقف الاثنان بين يدي الله في الصلاة وقف هذا بقلب مخبت خاشع له، قريب منه، سليم من معارضات السوء، قد امتلأت أرجاؤه بالهيبة، وسطع فيه نور الإيمان" وكُشِفَ عنه حجاب الغفلة ودخان الشهوات، فيرتع في رياض معاني القرآن.
ثم إذا خالط قلبه بشاشة الإيمان بحقائق الأسماء والصفات وعلوها وجمالها وكمالها الأعظم وتفرد الرب - عز وجل - بنعوت جلاله وصفات كماله، حينها اجتمع همه على الله - عز وجل -، وقرت عينه به، وأحسَّ بقربه من الله قربًا لا نظير له؛ ففرع قلبه له، وأقبل عليه بكليته.
وهذا الإقبال من هذا العبد في الصلاة بين إقبالين من ربه فإنه - عز وجل - أقبل عليه أولاً؛ فانجذب قلبه إليه بإقباله، فلما أقبل على ربه؛ حظي منه بإقبال آخر أتم من الأول.