وإلا فمعدوم وبعضهم وجدوا المفهومات على قسمين منها ما يتصور عروض الوجود لها فسموا تحققها وجودًا وارتفاعها عدمًا ومنها ما ليس من شأنها ذلك كالأمور الاعتبارية التي يسميها الفلاسفة معقولات ثانية فجعلوها لا موجودةً ولا معدومةً وسموها أحوالًا فالجمهور يجعل العدم للوجود سلب إيجاب وهم عدم ملكة فلا نزاع في الحقيقة.
الثانية: أن التسلسل في الأمور والمحققة من طرف المبدأ مجال لأن سلسلة مجموع الممكنات اللا متناهية لها علة وليست نفسها ولا بعضا منها فضلًا عن كل منها لأنه لولم يكن على الشيء منها أو لبعضها لم يكن علة لجميع السلسلة هف وإن كان علة لكل منها كان علة لنفسه وعلته وأنه دور فعلتها خارج عن جميع الممكنات وهي الواجب ولا علة له فلزم التناهي على تقدير عدمه أما الأمور العقنية فينقطع بانقطاع الاعتبار وأما من جانب المعلول فلا برهان عليه وبرهان التطيق ليس بشيء لأن التطبيق يمعنى تواني الحدين لا يوجب عدمه الانقطاع ويمعنى أن لا يفقد في أحديهما كما يمكن جعله مقابلًا لشىء من الأخرى لا يوجب نفسه تساوى الزائد والناقص فكذا غيره.
الثالثة: الفعل قد يراد به معنى المصدر الحركة لقطع المسافة وقد يراد به المعنى الحاصل بالمصدر كهي للحالة التي تكون المتحرك غليها في كل جزء من المسافة وهي أثر الأول ولا شك أن الثاني موجود، واختلف في الأول وهو إيقاع تلك الحالة فقيل ليس موجود وإلا لكان موقعا فينقل الكلام إلى إيقاع الإيقاع يلزم التسلسل من طرف المبدأ في الأمور المحققة ويلزم عند إيقاع شىء إيقاعات محققة لأشياء محققة غير متناهية فيكون الإيقاع معدوما على مذهب الجمهور حالًا عند القائلين بها، فإن قلت لزوم المحذورين موقوف على أن لا يكون إيقاع الإيقاع عينه وهو ممنوع، قلت الإيقاع مع الموقع أمان ليس بينهما حمل المواطاة وكل أمرين كذلك يمتنع وحدة هويتهما الخارجية فعدم التعدد في الخارج آية كون أحدهما وكليهما اعتباريًا، وقيل: موجود لحدوثه بعد العدم ويجوز استناد الإيقاع الحادث إلى القديم الدي هو التكوين الأزلي استناد سائر الحوادث إليه فلا يلزم شىء من المحذورين، وفيه بحث لأن أثر الايقاع حاصل مستند إلى الايقاع المستند إلى التكوين القديم فيلزم الجبر من العبد وإن لم يلزم الإيجاب من الله تعالى كما سيجىء بيانه إن شاء الله تعالى ولأن الحدوث بمعنى التجدد مسلم ولا يقتضي الوجود كحدوث العمى وبمعنى الوجود بعد العدم ممنوع ومعنى تجدد مثله وحصوله بدون الوجود كونه بحيث يمكن للعقل أن يعتبره فيه مطلقًا أو منسوبًا إلى شىء كما في الإضافيات.