الرابعة: أن لا بد لوجود كل ممكن من موجد وإلا كان واجبًا ومن وجود جملة ما يتوقف وجوده على وجوده وإلا لما كان وجود البعض المعدوم موقوفًا عليه لوجوده، قال الفلاسفة ويجب وجوده عند وجود تلك الجملة وإلا أمكن عدمه عنده فوجوده من غير مرجح لاستواء نسبة وجوده إلى جميع الأوقات حاصل ولذا كان وجود الممكن محفوفا بوجوبين سابق ولاحق، وفيه بحث من وجوه:
١ - أن وجود جملة ما يتوقف وجود الممكن على وجوده رما لا يكون كافيًا في وجود الممكن لتوقفه على عدم توقف الحوادث عندهم على عدم المعدات المغير القارة كالحركات ومنه توقف كل جزء منها على عدم الأجزاء السابقة وسنزداد وضوحا اللهم إلا بأن يعنوا بوجود الجملة وجود ما يتصور منها وجوده ونجدد الباقي ولا دلالة للفظهم عليها.
٢ - أن الرجحان من غير مرجح بمعنى وجود الممكن بلا موجد مسلم استحالته ممنوع لزومه لوجود الفاعل وليعنى رجحان أحد المستويين من غير مرجح داع ممنوع الاستحالة كرجحان أحد الطريقين المستوين من كل وجه كسلوك الهارب وغيره من الأمثلة المشهورة ومن غير مرجح أصلًا ممنوع اللزوم أيضًا لجواز أن يترجح بنفس الترجح العدمي وتحقيقه أن رجحان المساوي أو المرجوح أن أريد مساواته أو مرجوحيته قبل الترجيح فذلك واقع فإن الممكن المعدوم عدمه راجح بالنظر إلى عدم علته ومساو بالنظر إلى ذاته وقد رجح وجوده عند الإيجاد وإن أريد حال الترجيح فليس إلا ترجيحًا للراجح لأن الترجيح يلاقي الرجحان الحاصل منه كما أن الإيجاد يلاقي الوجود الحاصل منه وإلا لاجتمع الوجود والعدم وتحصيل الحاصل بهذا التحصيل غير ممتنع. قالوا: المراد وجود الممكن بلا موجد وهو لازم فيما نحن فيه لأنه إذ أمكن عدمه مع وجود الجملة الموقوف عليها ففي زمان وجوده أن تعلق به إيجاد كان من جملة الموقوف عليها فلا يكون المفروض جملة جملة، وإن لم يتعلق فقد وجد من غير إيجاد بلا موجد وأيضًا كون الرجحان بلا مرجح باطلًا قضية بديهية لولاها انسد العلم بالصانع فلا يبطل بإيراد أمثلة عدم العلم بالمرجح لا عدم نفسه وأيضًا أن قدم الايجاد قدم الحادث وإلا فله إيجاد آخر فتسلسل من طرف المبدأ، قلنا جواب الكل حرف واحد وهو أن لمشايخنا في إيجاد الله تعالى للحوادث طريقين: أحدهما: القول بعدم الإرادة وتجدد تعلقها وقت الحدوث.
وثانيهما: قدم الإرادة وتعلقها بحسب الأوقات المعينة فعلى الأول المتجدد في زمان