للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجود تعلق التكوين الأزلي المعبر عنه بالاختبار وهو إما نسبة عقلية معدومة متجددة لا حادثة لمحاذاة الشمس أو انحلال الغيم عن وجهها لوجود الضوء في الجدار أو حال وتجدده حالتئذ لا ينافي الجملة الموقوف عليها سابقًا ولا يلزم له اختيار آخر ولا اعتبارية داع إذ من شأن المختار أن يتعلق إرادته متى كان من غير تعليل بالداعي كما أمر من الأمثلة ولئن لزم فالتسلسل في الأمور الاعتبارية غير محال وعلى الثاني لا متجدد في زمان الوجود بل الإرادة والاختيار قديمان ومن شأن طبيعة الاختيار المقارن للتكوين الأولى أن يقتضي جواز صدوره من غير تعليل بالداعي كما أن طبيعة الإيجاب يقتضي فجأة الوجود من غير تعليل به وإما تعين الوقت فأما اتفاقي لأن طبيعة الاختيار يستدعي جواز تعينه من غير تعليل وإما لأن التعلق الأزلي عينه فعلى الأول ليس موقوفًا عليه وعلى الثاني ليس أمرا موجودًا حتى ينافي وجود الجملة السالفة بل هو عندنا خلاء متوهم كما في خلق الله الزمان أو العالم أو الفلك الأعظم أو حركته وفي قوله عليه السلام "كان الله ولم يكن معه شىء" (١)، لا يقال التعلق ونحوه نسب لا يتحقق إلا مع المنتسبين فكيف يكون النسب أزلية والمنتسبات فيما لا يزال؛ لأنا نقول الاختلاف بالأزلية والأبدية أو الماضوية والمستقبلية للمقيدين بالأمور الاعتبارية مثلنا وإلا فالجميع حاضر عنده تعالى، وكذا الكلام في تعلق سائر الصفات على أنا نمنع اقتضاء النسبة تحقق المنتسب مطلقًا بل فيما يكون تعلقها من حيث وجود المنتسب معه كالمعية ذهنًا أو خارجًا بخلاف قبلية الله من العالم فإنها نسبة تقتضي عدم العالم معه ومثله الإيجاد الاختياري وتعلقه بخلاف الإيجاب ولئن ثبت وجودية الزمان تختار إما الطريق الأول أو كون الوقت من جملة الوجوديات الموقوف عليها الغير الكافية في وجود الممكن لتوقفه على الاختيار أيضا وهو عدمي هذا كله في فعل الله وسيجيء إثبات اختيار العباد بما يناسبه فعلم مما مر أن في كلا شقي السؤال الأول منعًا وإما القضية البديهية المذكورة فبطلان وجود الممكن بلا موجد لا رجحان أحد المتساويين والقول بالشيء مع عدم العلم به أزلا وأبدًا كعدم القول مع قيام البرهان وبهذا يعلم أن وجوب وجود الممكن عند وجود تلك الجملة ليس متفقًا عليه كما ظن.

٣ - ولئن سلم وجودية الاختيار أيضًا فإنما يلزم وجوب المعلول أن لو لم يكن من جملة الوجوديات الموقوف عليها الاختيار على ما علم من طبيعته.

٤ - أن الوجوب السابق للمكن غير متصور إذ لا سبق بالزمان وإلا لا في العدم ولا


(١) أخرجه البخاري (٣/ ١١٦٦) ح (٣٠١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>