بالذات وإلا كان من جملة العلة التامة لا معلولها بل الوجود والوجوب مقارنان معلولا علة واحدة ومنشأ الغلط اعتبار أحد المتلازمين المتقارنين محتاجًا في الوجود إلى الآخر وليسا يمتضائفين إذ لا توقف في العقل من طرف الوجود.
الخامسة: قيل: لا بد في العلة التامة للحادث من دخول أمر لا موجود ولا معدوم مسمى بالحال كالإضافيات إذ لولاه فاما موجودات محضة أو معدومات محضة أو مركبة لا سبيل إلى الأول لأنها إن قدمت قدم الحادث وإن حدث شىء منها فينقل الكلام إلى عليه يلزم التسلسل أو الانتهاء إلى القديم فيلزم إما قدم الحادث أو انتفاء الواجب بناء على امتناع التخلف ولا إلى الثاني لأن الكلام في مثل زيد فلا بد من وجود أجزائه ولا إلى الثالث إذ لو توقف وجود الحادث بعد وجوه جميع الموجودات الموقوف عليها على عدم شيء فأما على العدم السابق القديم فيقدم الحادث لأن العلة التامة تركبت منه أو من الموجودات المستندة إلى الواجب أو على عدمه اللاحق وذلك إما بزوال وجود جزء علة وجوده أو بقائه، وينقل الكلام إليه بتسلسل أو ينتهي بلى الواجب ويلزم انتفاؤه أو لزوال عدم له مدخل فيه وللزوال في زواله وزوال العدم هو الوجود فيتوقف وجود الحادث على عدم موقوف على هذا الوجود فيبقى شيء من الموجودات الموقوف عليها فلم يكن المفروض جملة جملة هف أما إذا دخل في العلة أمور لا موجودة ولا معدومة كالإيقاع والاختيار كما قيل فهي لا تستند إلى الواجب بطريق وجوب لعدم وجودها حتى يلزم قدم الحادث أو انتفاء الواجب بل يقع منه أي وقت كان من غير تعليل كما مر ولا يلزم الوجود بلا موجود بل ترجيح أحد المتساوين وأقول جمهور مشايخ أهل السنة وأكثر مشايخ المعتزلة غير قائلين بالحال وهذا يستدعي ركاكة مطلبهم وسخافة مذهبهم وحاشاهم عن ذلك ففيما ذكره بحث من وجوه:
١ - امتناع التخلف ممنوع على تخلل الاختيار أزليًا كان ولا وعدميا كان أو وجوديًا كما مر ..
٢ - منع أن العدم السابق لو كان جزءًا من العلة لزم قدم المعلول لجواز أن ينضم إلى بعض الموجودات الحادثة ويصير المجموع علة تامة وكذا علة هذا المجموع لا إلى أول كما أن عدم الجسم المزاحم وإن كان أزليًا جزءًا من علة كون هذا الجسم في هذا الحيز ويصلح عدم الدجن للقصار نظيرًا.
٣ - منع أن عدمه إما لزوال شيء من علة وجوده أو لزوال العدم المؤثر في وجوده