الوجودات التي يتوقف عليها حتى يقال لا نزاع في ذلك بل استناده لاستنادها.
العاشرة: أن ذلك الأمر العدمي المسمى بالقصد والاختيار وغيرهما هو الكسب وهو مناط كون الفعل طاعة ومعصية والثواب والعقاب والحسن والقبيح والخير والشر وغيرها إذ لا قبح في خلقها فإن خلق المعصية وإرادتها ليس بقبيح لجواز اشتمالها على حكمه بل القبيح كسبها كما لو كان إعطاء الملك ألف دينار في المثال المذكور مع علمه بأن تلك الألف يصرفها هذا الشخص إلى ما يفضي إلى إتلاف نفسًا لكنه يعطيها ليتعظ به غيرها فلا يسألها أولًا يصرفها إلى مثله إذا تقررت تقرر حال التوسط وبطلان طرفي القدر بالإفراط والجبر بالتفريط وتصوير أن لله تعالى الاختيار وأن العالم حادث وإن لله الاختيار الكلى وللعبد اختيارًا جزئيًا وغير ذلك من عدم التكليف يما لا يطاق ونحوه من مهمات الدين.
بقى البحث في دليل الأشاعرة وذلك من وجوه:
١ - أنه استدلال في مقابلة التفرقة الضرورية بين الاختبارية والضرورية لما أن الجبر على فعل يقتضى عدم القدرة عليه فلا يندفع بما قيل إن الفارق وجود القدرة لا تأثيرها مع ما مر أنه لا يصح فارقًا.
٢ - أن المرجح سواء كان اختيارًا أو داعيًا موجبًا أو غير موجب لا يقتض الجبر أما إذا كان اختياريًا فلأن تخلله موجبًا يدفع الاضطرار لأن الاضطراري ما لا يوجبه الاختيار وغير موجب يدفع توجه الاتفاق لأن الاتفاقي ما لا يرجحه الاختيار وأما إذا كان داعيًا فلأن الداعي إلى الاختيار لا ينافيه كما أن العلم والقدرة والإرادة الأزليات التي تعين أحد الطرفين باختبار العبد لا ينافيه بل يحققه نعم يتوجه إلى المعتزلة فإنهم يوجبون الداعي لا نحن كما في مسألة الهارب فالترجيح بمجرد الاختيار الحادث مع غير الداعي لا يدفع الاتفاق عندهم وكل اتفاقي لا يتصف بالحسن والقبح العقليين ولذا قيل إنها مقدمة إلزامية ولذا لا ينتقض الدليل بفعل الرب فإن اختياره قديم ولأن التكليف بما لا يطاق لا يحتاج إلى مرجح لأن على الاحتياج الحدوث باتفاق بيننا وبينهم.
٣ - النقض بالحسن والقبح الشرعيين لأنهما مع الجبر غير واقعين بالاتفاق وإن جاز بما لا يطاق عند الأشاعرة والجواب بأن الاختيار كاف في التكليف والاستقلال بالفعل غير واجب إلفا يصح منا لقولنا بالاختيار معنى لا صورة فقط ومتوجه إلى المعتزلة القائلين لولا الاستقلال لقبح التكليف عقلًا لا لينا، واعترض بعضهم على الكبرى أيضًا يمنع أن