للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاضطراري والاتفاقي لا يوصف بالحسن والقبح العقليين واسند بأن الضرورة والاتفاق لا ينافيان كون الفعل حسنًا لذاته أو لصفته كما أن الاتصاف الضروري كاتصاف الله تعالى بصفات جماله وجلاله لا ينافي كون الصفة حسنة بمعنى كونها صفات الكمال فلم لا يجوز الاتصاف بهما بالمعنى المتنازع فيه أيضًا على أنه إن عني بنفيهما بالمعنى المتنازع فيه أنه لا يجب الإثابة أو العقاب لأجله فنحن نساعده وإن عني أنه لا يكون في معرض ذلك فبعيد عن العقول لأن مرتكب أنواع القبائح كنسبة ما لا يليق بجلال الله تعالى مع العلم به إليه أن لم يرفع له يستحقق مذمة وعقابًا فقد سجل على غباوته.

ورد بأن المقدمة اتفاقية فلا يمنع وبأن السند بصفات الله تعالى لا يوافق محل النزاع وبأن عدم استحقاق المذمة والعقاب بارتكاب القبائح قبل ورود الشرع غير مستبعد إذا كان مجبورًا على ذلك كما مر.

والجواب عن الأول: أن جميع الفلاسفة منكرون لها وإن أريد اتفاق أهل السنة فينكره المشايخ وبتقدير تسليمه يكون جدلية فيتوجه طلب الدليل التحقيقي عليها.

وعن الثاني: بان الصفات ذكرت تشبيها بمحل النزاع بها لا على أنها عينة.

وعن الثالث: بأنه لا منافاة بين المجبور به والانصاف بالحسن والقبح العقليين لأن مجبورية العبد مبنية على استعداده الغير المجعول في الحسن وعدم استعداده في القبح وهذا مبني على أن الماهيات غير مجعولة وأن فيض الواجب موقوف على ما يليه الحل غير أن هذين الأصلين من أصول الفلاسفة والصوفية وهو اختيار بعض أهل السنة فجمهورهم وإن لم يقولوا بهما لكن لما ذهب إليهما كثير من أهل العقل علم أن العقل لا يجزم تلك المنافاة وهذا مما يكفي سند المانع.

ثم الأدلة المذكورة لا تنتهض على الجبائية: فالأول: لجواز لزومي المتنافين بإختلاف الجهتين، والثاني: لجواز اجتماع الكذب والصدق بالاعتبارين والثالث لجواز لا يكون موجودًا كالقول فلا يكون عرضًا أما عند غيرهم فهما تابعان للوجود كما مر والرابع لأن الضروري والاتفاقي قد لا يكون كذلك باعتبار ما كالتحيز الضرورى باعتبار تنافيه فالذي ينتهض على الكل قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا فإن نفي التعذيب قبل البعثة يستلزم نفي ملزومه وهو الوجوب والحرمة العقليان عندهم على تقدير تركهما لمنعهم العفو فهذا إلزامي وإلا فلا يمتنع القول بالوجوب العقلي مع نفي التعذيب قبل البعثة كالقبايح الصادرة عن الصبي العاقل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>