للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوجه عندي أن يؤخذ الإلزام من قولهم بتأثيم من لم يبلغه الدعوة فإن المراد بالبعثة

إيصال حكم الله تعالى وإلا لم يحصل إلزام الحجة إما أنه لا يكون تعلق الطلب ذاتيًا

حاصل أو لم يكن الباري مختارًا لأن الحكم بالمرجوح قبيح أو أن قبح الخبر الكاذب أو حسن الصادق مثلًا أن قام بكل حرف كان خبرًا وإن قام بالمجموع فلا وجود له أو أن علة الحسن والقبح حاصلة قبل الفعل فيلزم قيام الصفة الحقيقية بالمعدوم فليس بشيء لأن ذاتي الطلب تعلقه إلى مطلوب ما لا إلى المعين وأن امتناع الفعل لصارف القبح لا ينفي الاختيار وإنهما قائمان بكل حرف بشرط الانضمام أو بالمجموع ككونه صدقًا أو كذبًا فجوابهم ثمة جوابنا هنا وإنهما من الصفات التابعة للوجود والحدوث عندهم كما مر وبتقدير تسليمه يحكم العقل بإنصافهما إذا حصل، وللمعتزلة طريقان حقيقيان وطريقان إلزاميان أما الحقيقيان فاحدهما أن الحكم بالحسن أو القبح مشترك بين جميع العقلاء في مثل الصدق النافع والإيمان أو الكذب الضار والكفران وعلة المشترك مشتركة فلا يكون شرعيًا لعدم اختصاصه بالمتشرعة دون غيرهم كالبراهمة والدهرية ولا عرفيًا وعاديًا لعدم اختصاصه بأهل عرف أو عادة ولا لغرض من مصلحة أو مفسدة لذلك فيكون ضروريا ذاتيًا، وجوابه مع اشتراكه بالمعنى المتنازع فيه بل بأخذ التفسيرات الثلاث ولئن سلم فمنع أن علة المشترك مشتركة لجواز اشتراك المختلفات في لازم كفصول الأنواع المندرجة بحث جنس واحد ولئن سلم فمنع أن العلة المشتركة غير ما ذكر من عرف ومصلحة وغيرهما في حقه تعالى وإن وقع الاختلاف في حق ما عناه ولا يلزم أن يكون ذلك المشترك هو العلم الضروري.

٢ - أن اختيار العقل الصدق عند استوائهما في تحصيل الغرض من كل وجه دليل أن حسنه وقبح الكذب ذاتيان وهذا القادر على إنقاذ شخص أشرف على الهلاك انقاذه من غير أن يتصور غرضًا. وجوابه: أن ذلك لأنه تقر في النفوس كون الصدق ملائمًا لمصلحة العالم دون الكذب ولا استواء في نفس الأمر ولا يلزم من فرض التساوي وقوعه فمنع الاختيار على تقدير التساوي وجزم الذهن بإيثارالصدق لعدم تمييزه التقدير عن وقوع المقدر وله ولو سلم فلا نعلم دلالته على المعنى المتنازع فيه وإما الانقاذ فارقة الجنسية المحبولة إلا في الطبيعة، وسببه أن استحسان أن يفعله غيره في حقه يجره إلى استحسان أن يفعله غيره في حق غيره، وأما الإلزاميان فأحدهما لو كانا الشرعيين كان التكليف شرعيًا فلزم إفحام الرسل فلا يفيد البعثة، وذلك لأن المكلف لو قال في جواب انظر في معجزتي

<<  <  ج: ص:  >  >>